وشرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُهَا،
وكُلَّ محدثةٍ بدعةٌ،
وكُلَّ بدعةٍ ضلالةٌ،
وكُلَّ ضلالةٍ في النَّار.
نعيش اليوم بحول الله تعالى ومنه علينا وفيضه وتوفيقه
مع موضوع هو:
للقلوب المريضة شفاء،
وللعقول التائهة دواء،
وأن شئت فقل هو لكل داء دواء
نحن اليوم مع الخوف من الله
وسبب اختياري لهذا الموضوع
هو ما نراه ونشاهده من بعد الناس عن رب الناس،
وتقلبهم في أنواع المعاصي والذنوب ليل نهار إنما هو بسبب:
* ضعف الخوف من الله في قلوبهم ...
* وغفلتهم عن الله ...
* ونسيان الموت و الدار الآخرة ...
أقول:
إن الخوف من الله هو الحاجز القوي،
والسد المنيع،
الذي تتحطم عليه
فتن الهوى،
وفتن الشهوات،
وفتن الشبهات،
وفتن النفس الأمارة بالسوء،
وفتن إبليس،
الخوف
الخوف: هو اضطراب القلب وانتفاضه
وجلاً وذلاً وانكسارًا ورهبةً من تذكر عقاب الله؛
هذا العذاب الذي أعده الله - جل وعلا - لمن تكبر عصاه.
فالخوف هو نار تهيج في القلب الخشية؛
التي تدفع الإنسان المسلم إلى عمل الطاعات، واجتناب المنهيات.
قال - تعالي -: {لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الحشر: 21)،
مراتب الناس في الخشية
والناس - أيها الكرام - متفاوتون في خوفهم من الله:
فأخوف الناس من الله - جل وعلا - هم الأنبياء والمرسلون،
ثم الصديقون، والصالحون، من العلماء الربانيين العاملين،
ثم الأمثل فالأمثل من عامة المسلمين،
كل حسب معرفته وعلمه بالله - جل وعلا -.
فعلى قدر معرفتك بالله - عز وجل -، والعلم به؛ تكون خشيتك منه - عز وجل -.
ولهذا كان خوف العلماء في أعلى الدرجات،
وذلك لأن خوفهم مقرون بمعرفة الله رب العالمين ...
قال - عز وجل -: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28)
وفى صحيح البخاري من حديث أَنَسَ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قُالُ: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا أُخْبِرُوا؛ كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا؛
فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟!
قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا!
وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ!
وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا!
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْهِمْ؛
فَقَالَ: أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟!
أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ،
لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ،
وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ،
وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ،
فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.
وفي صحيح البخاري - أيضا - من حديث أَنَسٍ أيضا قَال َ:
خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ
قَالَ:
لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا،
وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا!!
قَالَ فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وُجُوهَهُمْ لَهُمْ خَنِينٌ ...
والخائف دائما يلجأ إلى الهرب مما يخافه، إلا الله رب العالمين، فمن خاف من الله هرب إليه ...
فالخائف هارب من ربه إلى ربه.
قال - عز وجل -: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (الذاريات: 50)
الخوف المحمود الصادق
والخوف المحمود الصادق هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله - عز وجل -،فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط من رحمة الله ...
وومثال ذلك ما ثبت فى الصحيحين من حديث أبى هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال - وتدبر هذا الحديث -:
¥