تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) فأغنانا بما شرع لنا عن كل ما سواه، والاحتفال بعيد الميلاد من إتباع أهواء الذين لا يعلمون، فمن وافقهم عليه كان من الظالمين، وقد روى أبو داود وأحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) جود إسناده ابن تيمية وحسنه ابن حجر. قال شيح الإسلام رحمه الله: (مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ... وأقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم)، وقال ابن القيم: (ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة فإنه إذا أشبه الهدي الهدي أشبه القلب القلب) [1] وعن ثابت بن الضحاك قال نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة فقال النبي صلى الله عليه و سلم هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد قالوا لا قال فهل كان فيها عيد من أعيادهم قالوا لا قال فقال النبي صلى الله عليه و سلم أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم. أخرجه أبو داود وصححه الحافظ ابن حجر. (فَلَمْ يَأْذَنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ يُوفِيَ بِنَذْرِهِ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَفَاءِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا. حَتَّى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ. وَقَالَ: {لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ} ".فَإِذَا كَانَ الذَّبْحُ بِمَكَانٍ كَانَ فِيهِ عِيدُهُمْ مَعْصِيَةً. فَكَيْفَ بِمُشَارَكَتِهِمْ فِي نَفْسِ الْعِيدِ؟) [2]

وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن أمير المؤمنين عُمَر بن بن الخطاب رَضي اللَّهُ عَنْهُ قال: لاَ تَعَلَّمُوا رَطَانَةَ الأَعَاجِمِ وَلاَ تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِى كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ فَإِنَّ السُّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ. وروى البهيقي عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي عِيدِهِمْ.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مَنْ بَنَى بِبِلاَدِ الأَعَاجِمِ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ كَذَلِكَ حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الدولابي والبيهقي. ونصوص أهل العلم في تحريم إقامة عيد الميلاد أو حضوره أو الإعانة عليه أو تعظيمه كثيرة جدا.

وإن من أكثر ما يمارسه بعض المسلمين في عيد الميلاد هو التهنئة به مشافهة أو رسالة أو مهاتفة ونحو ذلك، ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه).

وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: (ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملةً أو تودداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب لأنه من المداهنة في دين الله ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم).

نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، وإتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا، وأن يمنحنا الفقه في الدين، وأن يتوفانا على الإسلام والسنة. إنه سميع مجيب.

رئيس الجمعية / د. عبدالعزيز بن محمد السعيد

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير