تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نصائح وتوجيهات لمن لا يطيق الاختلاط بالناس ويفضِّل المكوث في البيت وحده

ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[04 - 01 - 10, 03:49 م]ـ

نصائح وتوجيهات لمن لا يطيق الاختلاط بالناس ويفضِّل المكوث في البيت وحده

السؤال: لا أطيق الاختلاط بالناس، وأفضِّل الوحدة، وأشعر بحالة نفسيَّة سيئة عندما أختلط بالآخرين، الرسول عليه الصلاة والسلام يأمر بالصلاة في المسجد، ماذا أفعل؟ أفضل عدم الصلاة على الصلاة في المسجد.

الجواب:

الحمد لله

أولاً:

ليس الأمر الذي أنت فيه أخي السائل متعلقّاً بالصلاة في المسجد فحسب، بل يتعلق بواجبات محتمات عليك، توجب عليك الخروج من البيت، كصلة الرحم، والتكسب من أجل لقمة العيش، وطلب العلم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

فحقيقة الأمر: أن الخلطة تارة تكون واجبة، أو مستحبة، والشخص الواحد قد يكون مأموراً بالمخالطة تارة، وبالانفراد تارة. وجماع ذلك: أن المخالطة إن كان فيها تعاون على البر والتقوى: فهي مأمور بها، وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان: فهي منهي عنها، فالاختلاط بالمسلمين في جنس العبادات كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحو ذلك: هو مما أمر الله تعالى به، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الاختلاط بهم في الحج، وفي غزو الكفار، والخوارج المارقين، وإن كان أئمَّةُ ذلك فجاراً، وإن كان في تلك الجماعات فجَّارٌ.

وكذلك الاجتماع الذي يزداد العبد به إيمانا: إما لانتفاعه به، وإما لنفعه له، ونحو ذلك.

" مجموع الفتاوى " (10/ 425).

وبه تعلَم أن ما أنت عليه من حال فهو غير مرضي عنه عند رب العالَمين، واوجب عليك إعادة النظر في حالك، وأن تعلم أن ما أنت فيه إنما هو تلبيس من الشيطان، يحسِّن لك حالك، ويزين سوء عملك، فاحذره، وانتبه لمكائده، وأعدَّ العدَّة لمحاربته، وثق بربك في الانتصار عليه.

ثانياً:

إذا كنتَ تشعر بنفسية سيئة في اختلاطك بالناس؛ فإننا نجزم أن أنك لن تكون أحسن حالا في وحدتك، وعزلتك، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وإنما يتسلط الشيطان على أصحاب الوحدة الذين لا يجدون أعواناً يعينونهم على طاعة ربهم، ولا أنصاراً ينصرونهم على الشيطان وجنوده، وحتى لو كنتَ تجد في مخالطتك للناس أذى: فإن تلك المخالطة إن كان معها صبرٌ: فإنها خير من عدمها، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على من يختلط بالناس ويصبر على أذاهم.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ).

رواه الترمذي (5207) وابن ماجه (4032).

ثم إن العزلة التي أنت فيها ليس عندك من أسبابها شيء، ولا لديك – فيما يظهر لنا – من مقوماتها ما نشجعك به عليها، مع اعتبار أننا أية عزلة يترتب عليها ترك الجمع والجماعات: فهي غير مقبولة، ولا نشجع عليها.

فمن أسباب العزلة: فساد الناس بالكلية، وعدم وجود أنصار على الحق، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وعدم نفع النصح في الناس، وكل هذا غير موجود – بفضل الله – في المجتمعات المسلمة، بل الكافرة، فها نحن نسمع عن آلاف يدخلون دين الله من الكفار كل حين، ونسمع عن مثلهم من العصاة السالكين درب الهداية، بل إننا لنجد الناس عطشى لمن يروي ظمأهم، وجوعى لمن يطعمهم، من الخير والهداية.

وأما مقومات العزلة التي نجدها مفقودة عندك: فهي العلم الشرعي، فها أنت تقدِّم العزلة على الخلطة الواجبة، وها أنت تفرط في واجبات شرعية بسبب عزلتك تلك، فأين العلم الشرعي الذي تحمله حتى نقول لك اعتزل الناس وتفرغ لطاعة ربك، والحفاظ على دينك؟! ومن هنا قال قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: " فالعزلة إنما تنفع العلماء، العقلاء، وهي من أضر شيء على الجهَّال، وقد روِّينا عن إبراهيم أنه قال لمغيرة: " تفقَّه؛ ثم اعتزل ".

انظر كتاب " العزلة " للخطابي (ص 225).

ثالثاً:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير