من عجائب الأمثال أن يفيدك صُنَّاع الطرق بطريقة طلبك للعلم (مثلا طريق القصيم - المدينة)!!
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[20 - 11 - 08, 05:53 م]ـ
عليك بهذا المثال أثناء سيرك في طلب العلم بل وفي كثير من شأنك ..
**كنت إذا ذهبت من بريدة إلى المدينة النبوية وأرى هذا الطريق الذي مُهِِد بفضل الله وأصبحنا نجد الراحة لما فيه من التنظيم والترتيب والدقة فلله الحمد والمنة ...
فكثيرا كنت أتأمل كيف يكون طالب العلم راسخا و نافعا لأهله ومجتمعه بل ولكثير من المسلمين في أقطار العالم أثناء حياته وبعد مماته ..
فوجدت هذا الطريق (طريق القصيم _ المدينة _ بل وغيره من الطرق حولك!) مثالا نستفيد منه نحن معاشر طلاب العلم.
كيف ذلك؟
**ألا ترى أن هذا الطريق عندما خطط له لم يأتي في يوم وليلة؟
فكذلك العلم لا تظن أنك ستبلغ منازل العلماء الراسخين بل ولن تحاكي منزلتهم في سرعة وجيزة كما يفعله كثير من أنصاف المتعلمين ومدعي الثقافة!!
**ألا ترى إلى هذه الطرق المعبدة كيف رسمت بدقة؟
فكذلك العلم يحتاج إلى دقة في الطلب (حتى تكون راسخا في العلم). فكثير منا يقرأ الكتب وإذا سألته عن سيرته قال قرأت وقرأت وهذا شيء طيب بحد ذاته لكن انظر لنفسك إذا سئلت في مسألة قد مررت عليها في قراءتك هل تجيب بدقة وتفصيل واستحضار للأدلة أم لا فإن كان بنعم فالحمد لله فإن كان بلا فراجع نفسك وشمر عن ساعدك في بذل الوسع واستفراغ الجهد في سبيل الرسوخ في العلم والله المستعان،،،
**أخي طالب العلم لكي ترى أن ماقلتُه صواب أو قريبا منه
ابحث عن سيرة أي عالم ترى مكانته ونفعه للأمة حتى بعد مماته تجد فيها المثابرة والصبر والتحري والأناة وغير ذلك من الصفات التي لا بد لطالب العلم أن يضعها نصب عينيه أينما كان.
** وأنت تسلك إحدى الطرق ترى كيف يقف العمالة كثيرا في قِطْعَة يسيرة، هذا يحرث الأرض وهذا يلبد وهذا يضع مناصب وهذا يرش الماء وهكذا ثم تأتي بعد فترة وإذا بالطريق سهل وميسر ينتفع به المسلمون على مر الزمن!!
فكذلك طالب العلم ينبغي أن يضع الآلات والأدوات التي تعينه على الطلب ويضع الشيء في موضعه ولا يغادر جزئية إلا وقد فحصها وأحكمها ... هكذا الرسوخ!! فانظر المغني لابن قدامة في دقته والدقة في بحث المسائل وجمعها حتى أصبح لا يستغني عنه كثير من العلماء الكبار، وكذلك فتح الباري وكثير من شروحات النووي وابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم ..
**ألا ترى أن من قاموا بعمل هذه الطرق (بفضل الله) لو تركوا مترين أو أقل لم يمهدوها ولم يسفلتوها لأصبح في الطريق خلل
(لأن هذا من أساسيات الطريق التي يحتاجها كل من يسلك الطريق)؟
فكذلك طالب العلم فيما يحتاجه من الأمور المهمة ينبغي ألا يتركها فهي كالقطعة التي تركت فأصبحت منغصة لسالكها ..
بل ينبغي أن يقف عندها ويفحصها ويبحثها بحثا يطمئن فيها حتى ينفع نفسه ومجتمعه وأمته بشكل عام في حياته وبعد مماته.
*&*&*& الخلاصة أخي الحبيب نفع الله بك:
(التوكل على الله والإخلاص والصبر وبذل الوسع واستفراغ الجهد والدقة هي الركائز الأساسية في سلوك طريق الراسخين في العلم النافعين للأمة إن في حياتهم أو بعد مماتهم .. والتاريخ يشهد. والله تعالى أعلم)
ولا أنسى أن أقول دع عنك طريقة المثقفين وأنصاف المتعلمين في طلب العلم (كالقراءة السريعة التي لا تجدي وقد تضر بك بل قد تحدث عنك كثير من التنقاضات والحيرة!! والواقع يشهد
فكم من فتوى وكلمة قالت لصاحبها دعني لأنه تكلم بما لا يحسن واختلطت عليه الأمور ولم يُحكِم أمره والله المستعان وعليه التكلان.
ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[23 - 11 - 08, 04:16 م]ـ
وهذه جملة أحاديث تفيدك في هذا الباب:
قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ. رواه مسلم
قال جرير
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ. رواه مسلم
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ. رواه مسلم
إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ". حسنه الألباني ..
والله أعلم
ـ[أبو الريان]ــــــــ[24 - 11 - 08, 05:11 م]ـ
لله هذا المثال ما أروعه .. !!
صدقت الطريق طويل، وكم في هذا المثال من مُؤنس حين استطالة الطريق، ..
جزاك الله خيرا
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[24 - 11 - 08, 08:59 م]ـ
لعل أهم ما أواجههُ في هذا الطريق كل أسبوع تقريبا عندما أقصد المدينة النبوية شرفها الله, هو أنك تتعلم منه الصبر, فهذا مما يميز الطريق مع ما ذكرته, وذاك أنه مستقيماً ليس فيه عوج إلا نادراً, فلا تكاد ترى له نهاية على مرمى بصرك. فأنت تسير وكأنك ترجع إلى الخلف!!
ويروي الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء عن ابن أبي حاتم وهو يحدث عنه نفسه فيقول:
كنا في مصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ وبالليل النسخ والمقابلة، فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً، فقالوا: هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا فاشتريناها, فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلسٍ فلم يمكنا إصلاح هذه السمكة ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى على السمكة ثلاثة أيام وكادت أن تتغير فأكلناها نيئةً، لم يكن لنا فراغ أن نشوي السمك. ثم قال: (إن العلم لا يستطاع براحة الجسد).
¥