الا من مبلغ الرحمن عني باني تارك شهر الصيام
اذا ما الرأس زايل منكبيه فقد شبع الانيس من الطعام
ايوعدنا ابن كبشة ان سنحيا؟ وكيف حياة أصداء وهام
أتترك ان ترد الموت عني وتحييني اذا بليت عظامي
ولم يقتصر الامر على الثنوية والدهرية بل ان بعض الشعراء ذهب ابعد من ذلك حينما تناولوا تراجيديا طرد ابليس من الجنة بشكل مختلف بل اكثر جرأة من تناول الثنويين والدهريين لموضوعات الدين فها نجد ان الشاعر
بشار بن برد يتعاطف مع ابليس فمن شعره
النار مشرقة والارض مظلمة والنار معبودة مذ كانت نار
وكان ابو الفتوح احمد بن محمد الغزالي اخو الغزالي الفقيه الشافعي يعتبر ابليس سيد الموحدين وقال يوما على المنبر (من لم يتعلم التوحيد من ابليس فهو زنديق، امر ان يسجد لغير سيده فأبى)
ولست بضارع الا اليكم وأما غيركم حاشا وكلا
وقال مرة (التقى موسى ابليس عند عقبة الطور، فقال موسى: يا ابليس، لم لم تسجد لآدم؟ فقال: كلا، ما كنت لاسجد لبشر، كيف اوحده ثم التفت الى غيره! ولكنك انت يا موسى سألت رؤيته ثم نظرت الى الجبل، فانا اصدق منك في التوحيد
ويروى من شعره
فمن ادم في البين ومن ابليس لو لاكا
فتنت الكل والكل مع الفتنة يهواكا
وكان الذين تم تسميتهم بالزنادقة مفكرين وادباء لهم فلسفتهم في الحياة واسلوبهم الخاص فقد ذكر الثعالبي في كتابه ثمار القلوب في المضاف والمنسوب (اما قولهم اظرف من زنديق،فقد صار مثالا في زمن كثر ظرفاؤه وهو زمان المهدي وكانوا يرمون بالزندقة كصالح بن عبد القدوس، وابي العتاهية، وبشار بن برد، وحماد الراوية، وحماد عجرد، ومطيع ابن اياس، ويحيى بن زياد، وعلي بن الخليل ومن تقدمهم قليلا كابن المقفع وابن ابي العوجاء، وما منهم في الظاهر الا نظيف البزة، جميل الشكل، ظاهر المروءة، فصيح اللسان، ظريف التفصيل والجملة، والله اعلم ببواطنهم وضمائرهم) ويقول ابو نواس عن ظرف الزنادقة
تيه مغن وظرف زنديق
بل ان الانتماء الى الزندقة كان موجة في زمن المهدي لما تحمله هذه الكلمة من ارتباط بوعي وفكر وحداثة في افكار ذلك العصروقال احد الشعراءفي عصر المهدي
تزندق معلنا ليقول قوم من الادباء زنديق ظريف
فقد بقي التزندق فيه وسما وما قيل: الظريف ولا الخفيف
ويبقى الانتماء او الرغبة في الانتماء الى الزندقة من قبل الكثيرين رغم حملات التشويه ومحاكم التفتيش الاسلامية موضوع بحاجة الى الدراسة ولكن اقل ما يمكن استنتاجه هو ان واقع من اتهموا بالزندقة يختلف عن الصوره الذي رسمه كتاب السلطة ويمكن وضع مأساة الكردي ابو مسلم الخراساني كنموذج للتعامل مع الاخر في ظل سلطة الخلافة فرغم ما قدمة ابو مسلم الخراساني واتباعة في تغير موازين القوى لصالح العباسيين ضد الامويين وبمجرد استلام العباسيين السلطة بدأوا بتشويه صورة ابو مسلم بصورة شوفينية فها يقول احد شعراء السلطة
ابا مجرم ما غير الله نعمة على عبده حتى يغيرها العبد
وفي دولة المهدي حاولت غدره الا ان اهل الغدر اباؤك الكرد
ويذكر ابن المطهر في كتابه البدء والتاريخ ص 356 (كان مروان بن محمد كتب الى اهل مكة يهجو ابا مسلم وانه يحرق المصاحف ويهدم المساجد فلما سمعوا بقدومه خرجوا ينظرون اليه فلما بلغ الحرم نزل من دابته وخلع نعليه ومشى حافيا على رجليه اعظاما للبيت وقضى نسكا قل ما قضاه احد من الملوك غيره فقالواما رأينا سلطانا اعظم الحرم اعظامه).
ولم يتعرض احد لتهمة الزندقة مثلما تعرض له القرامطة لما امتلكته هذه الحركة من اسس فكرية و فلسفية تمكنوا من خلالها خلق نموذج اقل ما يمكن القول عنه انه كان اشتراكيا فان قال ماركس عن ثوار باريس حينما اقاموا سلطة العمال عام 1871 من خلال كومنة باريس بأنهم اقتحموا ابواب السماء فان القرامطة قد هزوا عروش الالهات في السماء حينما اسسوا مجتمعا مساواتيا في اليمن والشام والعراق والبحرين، ومن التهم الموجه للقرامطة هو قيام احد قادتهم وهو ابو طاهر القرمطي بقلع باب الكعبة واقتلاع الحجر الاسود واخذه الى هجر وبقاءه هناك نيفا وعشرين سنة وتقول المصادر التاريخية انه وبعد قلع الحجر الاسود قال
فلو كان هذا البيت لله ربنا لصب علياالنار من فوقنا صبا
لاْنا حججنا جاهلية محللة لم تبق شرقا ولا غربا
وانا تركنا بين زمزم والصفا جبابير لاتبقي سوى ربها ربا
¥