ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[24 - 11 - 2007, 03:38 ص]ـ
أغمَضتُ عن شجر ِ الهوى أحداقي=فاسكبْ طِلاكَ على الثرى يا ساقي
ورمَيْتُ عني بُرْدَة ً أبْلَيْتُها=في حَرْب ِ أشجاني على أشواقي
وبِصَخْر ِ صَبْر ٍما التحفت ُ بغيرِه ِ=وأنا أجوبُ متاهة َ الآفاق ِ
ما عُدْتُ تنُّورا ً لخبز ِ صبابة ٍ=سُفُنُ المَسَرَّة ِ آذنتْ بِفِراق ِ
جفَّ الصُّداحُ على فمي وتخثَّرتْ=لغتي ... وفَرَّ الحرفُ من أوراقي
وتعبْتُ من صوتي أُنادي لاهِثا ً=وطني ونخلَ طفولتي ورفاقي
وأحِبَّة ً مرّتْ على بستانِهِمْ=خيْلُ الغُزاة ِ فأصْحَرَت ْ أعماقي
وأنينَ ناعور ٍ وضحكة َ جَدْوَل ٍ=ورذاذ َ فانوس ٍ وجَمْرَ وِجاق
أشفقتُ من خوفي عليَّ فأحْرَقتْ=نارُ الفؤاد ِ سُلافة َ الإشفاق ِ
أدْمَنتُ خُسرا ً منذ فجر ِ يفاعتي=وهْمُ المُنى ضرْبٌ من الإخفاق ِ
غرَسوا الظلامَ بمُقلتي .. فتعطَّلتْ=شَمْسي ونافذتي عن الإشراق ِ
المُطلِقونَ حمائمي من أسرِها=شدُّوا التُرابَ وماءَهُ بِوِثاق ِ
فإذا بتحريرِ العِراق ِ وليْمَة ٌ=حفلتْ بما في الأرض ِ من سُرّاق ِ
ما العُجْبُ لو خانَ الفؤادُ ضلوعَهُ؟ =إنَّ الذي خانَ العراق َ عِراقي
المُسْتغيث ُ من الظلام ِ بِظُلمَة ٍ=أدْجى .. ومن مُسْتنقع ٍ بِذعاق
فإذا النضالُ نِخاسة ٌ مفضوحة ٌ=فاحَتْ عفونتُها بسوق ِ نِفاق ِ
وإذا الطِماح ُ مناصِبٌ مأجورة ٌ=يُسْعى لها زحْفا ً على الأعناق ِ
ولقدْ رأيْتُ النخلَ يلطِمُ سعْفَه ُ=خَجَلا ً من الماشينَ مشيَ نِياق ِ
هل هذه ِ بغدادُ؟ كنتُ عرفتُها=تأبى مُهادَنَة َ الدّخيل ِ العاق ِ
تأبى مُساوَمَة ًعلى شرفِ الثرى=وتجودُ قبل المال ِ بالأرْماق ِ
ورثتْ عن "الحُرِّ"الحُسامَ وعزمَهُ =وعن " الحسين" مكارمَ الأخلاق ِ
هل هذه بغداد؟ تأكلُ ثدْيَها=فإذا بِها وعَدوَّها بِوِفاق
لو أنّ ليْ أمْرا ً على قلبي فقد=َجَّلتُ من تِهْيامِها بِطَلاق ِ
عَقَدَتْ على طينِ العراق ِقِرانَها=نفسي فمَهْري خافقي وصِداقي
أخفقتُ في عشقي فكنتُ غريبَهُ=إنَّ التَغَرُّبَ مُنتهى الإخْفاق ِ
هذا دمي يا نخلُ .. مُصَّ رفيفهُ=فلقد رأيْتُك َ ظامئ الأعْذاق ِ
أسْعِفْ خريفي بالربيع ِ لينتشي=وردُ المُنى في روضة ِ المُشتاق ِ
واكنسْ ظلامَ الطائفيّة ِ بالسَّنا=وأعِدْ لِدِجلة َ زورقَ العشاق ِ
فعسايَ أبتدئ الحياةَ .. فلا أرى=وطني ذبيحا ً والدماءَ سواقي
يا أنت يا قلبي أمثلك في الهوى=يشكو مواجعَ غُرْبَة ٍ وفِراق
أوَلسْتَ مَنْ صامَ الشبابَ مُكابرا ً=عن ماء ِ أعْناب ٍ وخبز ِ عِناق ِ
والمُثْمِلات ِ لذاذة ً بِمَباسم ٍ=والمُمْطِرات ِ عذوبة ً بمآقي
يا مَنْ أضَعْتَ طفولة ً وفتوَّة =ً ماذا ستَخْسَرُ لو أضَعْتَ الباقي
هل في جِرار ِ العُمْر ِ غيرُ حُثالة = أطبِقْ كتابَكَ .. لاتَ وقتَ تلاقي
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[24 - 11 - 2007, 03:52 ص]ـ
مهرة العراق
خطّطوها وحشّدوا لخطاها=ورموا الشرّ جمرة بلظاها
ومضت في مراكب السرّ تجري=وتبارى الدعاة ركضا ورآها
شيّعوا عزّهم بذلّ أليف=يا نفوسا تعثرت بعماها
ما ترى النور في الحياة رجاء=فلقد زيّن الظلام رجاها
حيّة ألامس في الديار تربّت=ما علمنا ماء الوفا اضماها
وجرى السمّ في العروق بليل=ينفض الحقد بالردى ناباها
وتعرّت من القناع وجوه=فامتطى مهرة العراق فتاها
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[24 - 11 - 2007, 04:11 ص]ـ
تاج المدائن
لا تسأل الجرحَ في أعياد بغدادِ=واسأل هواها ترى فيها الهوى حادي
غنّت بأوجاعها تحنو مكابدةً=امٌّ وفي صدرها حب ًّ لأولاد
تمشي وفيها على انف العدى كِبرٌ=يصحو- إذا مسها جور- بأسياد
ما نامت العين فيهم خلف داجية=أو اسكر الأنس فيهم ذكر عبّاد
يهزّهم طرب الإيمان عامرة=فيه القلوب ومنه زادهم غاد
فدرةُ المجد تزهو فوق ظلمتها=وعلمت دربها من مجد أجداد
وخضّرت عمرها بالعلم مقدرة=وأوقدت في سماها نجم رواد
وسيّرت كل آمال السنين لنا=فصار فينا نداء بالهوى نادي
وخيّمت في متاهات الدجى قمرا=والوجه مصباحُ ميلاد لميلاد
ويمطر النور من أهدابها نغماً=وتعلق الحُسنَ فيها عين حسّاد
تاج المدائن فيها كل غالية=وجوهر المجد فيها تاج بغدادي
هذي عروس الهوى تسمو بأعيننا=وتسكن القلب والأسوار أكبادي
يضمها القلب في أعماقه ولهُ=وتنسج الروح أشواقا بإنشاد
وتشرب الماء من قلبي بآنيةٍ=ما مسّها كف سبّاكٍ وحداد
ماء الحمية في أعماق ساقية=يجري على الرحبِ من أعماقِ أمجادي
...
عفوا ً إذا مسّ جرحي عينَ غافية=- من المدائن – في ذل وإخلاد
ما كنت ادري تدق الآهُ زفرتها=وتخنق السمع في آذان منقاد
ما علّمتني رماد العين انفخه=وانبش الجمر في مزمار إنشادي
بل اكتم النار في صدري واحبسها=وإذ يفيض اللظى من جمره زادي
بغداد شدي فأنت اليومَ واقفة=وحولك الروم من خاف ٍومن باد
فيقظة القلب تحمي العين دمعتها=وفي يديك منار العزم بغدادي
فما طويْتِ على ظهر مواجِعَه=وقلت اهاً على قيدٍ لجلاّد
ولا ارتديت من التاريخ ظلمته=إذا تنفس جوراً ليلُك ِ الهادي
فشمسكِ الشمسُ في أنوارها اغتسلت=وزينت حسنها من حلة الوادي
وماؤكِ العذب كم تحلو مشاربه=كم حام طير الهوى في لهفة ٍ صادي
وغنت الروح في موال عاشقةٍ=تهز شوقا غفى في عين سهّاد
وجاورت انسها في القلب ساكنة=وايقنت أنها في انس بغداد
تتلو الهوى في مزامير السنين هوىً=وتسكب الحب في جرّات وُرّاد
وتعشق الليل فيها كل عاشقة=تظلل الجفن في أهداب رقّاد
وتسكب القلب في موجات دجلتها=ليحضن النخلَ في أشواقه الوادي
وتنثر الحبَّ ميراثاً بساحتها=تقاسم الناس فيه حب بغداد
معمورة الأرض لا ترسو سفائنها=كأنها موكب تجري بأوراد
...
بغداد ياغنوة النهرين باقية=يشدو الزمان بها الحان قصّاد
¥