تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[يا لها من شاعرة مبدعة ..]

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[03 - 05 - 2007, 09:31 ص]ـ

[يا لها من شاعرة مبدعة ..]

سليم عبد القادر

"قالت المِرْآة" عنوان شديد الإيجاز، لديوان الشاعرة المبدعة "لمياء الرفاعي" ..

قالت المِرْآة ... قالت المَرْأة ... قالت الحياة ... وهل المرأة إلا مرآة الحياة!؟ فكيف إذا كانت المرأة شاعرة ..... شاعرة مبدعة، تأسرنا كلماتها من أول بيت في الديوان، إلى آخر بيت ... ؟! تجذبنا إليها جذباً قوياً حانياً، فلا نستطيع الفكاك، ولا نريده ... تبهرنا بوهجها المضيء كالشمس، وبعاطفتها المتدفقة كالأمازون ... فتكاد تحرقنا وتغرقنا في آن واحد، كما تبهرنا بتأملاتها الفلسفية المؤمنة، التي تنزع عن الحياة أستارها وتكشف أسرارها ...

نقرؤها أمّاً، فنرى الصورة الأمثل والأكمل للأم ... الأمّ التي تفجّر ينابيع العواطف في القلوب حتى لو كانت قُدَّت من صخر ...

نقرؤها مؤمنة، فكأننا نقرأ الحسن البصري ورابعة العدوية وسيد قطب ...

ونقرؤها مجاهدة ثائرة، فكأنما نقرأ صلاح الدين وعمر المختار وأحمد ياسين ...

ونقرؤها متأملة، فنقرأ فلسفة الحياة، في أدق صورها وأكثرها وضوحاً ..

ونقرؤها غير ذلك كله، فهي تارة فراشة تطوف بين الحقول، وتارة مصلحة اجتماعية، وتارة بنت وفيّة لأمّتها تحمل همومها وشجونها، وتبكي مآسيها ... وتستنهض عزائمها، وهي في سائر قصائدها تلك المرأة (الإنسان)، المسكونة بمشاعر الإنسانية الراقية، التي من أجلها كرّم الله بني آدم.

* * *

تغطي القصائد جميعاً مسحة شفافة من الرومانسية الأنيقة، بصورها وألفاظها، ويلفت النظر ذلك النَفَس الطويل للشاعرة، فأغلب القصائد طويلة (30 ـ 50 بيتاً) مع المحافظة على الوهج والعاطفة والفكرة، من أول القصيدة حتى آخرها ... والمستوى الفني للقصائد متقارب، وهذه مزيّة أخرى للشاعرة، ترتقي بشعرها، وتؤكد وعيها ويقظتها الفنية وهي تدخل في العمل الإبداعي ...

ويتساءل المرء بعض الأسئلة المشروعة: أين كانت هذه الشاعرة الكبيرة مخبوءة؟! ألأنّها امرأة؟! أم لأنها مبدعة مسلمة؟! أم لأن هناك أزمة شعر ونشر وقراءة؟! أم لذلك كله، وغيره ... ؟!

وقبل أن نقتطف للقارئ الكريم زهرات معدودة، من تلك الرياض الناضرة، يجدر بنا أن ننوّه بالمقدمة الرائعة التي كتبها ابنها وأخونا الحبيب باسل، في عبارات تحمل البرّ، وتشير إلى جوانب الإبداع، وترتقي بالنثر حتى يكاد يكون شعراً ...

لنستمع إلى هذه المناجاة كينبوع الماء العذب:

أناجيكَ ربّي بنجوى فؤادي ** بلهفةِ روحي، بأسرار ذاتي

وأنت العليمُ بسرّي وجهري ** وأنتَ الخبيرُ بكلّ اللغاتِ

بنورٍ تهادى بقلبي ضياءً ** فشعّت بنور الإله حياتي

وهذه مناجاة ثانية، تحلّق إلى جانب الأولى في ملكوت الله:

كأنّي أراكَ .. ! ولستُ أراكَ ** ولكنَّ روحي سَمَتْ في هواكَ!

كأني أراكَ .. وفي القلب شوقٌ ** فتهفو عيوني لتلقى سَناكَ

ويرقى خيالي فيسري بعيداً ** ويسمو صعوداً يُناجي بَهاكَ

شعاعٌ من النّور يغفو هنيئاً ** بقلبي .. فقلبي عيونٌ تراكَ

وفي ذكرى مولد الهادي عليه الصلاة والسلام تقول:

هلّلي، واستقبلي العَلياءَ تيها ** يا رُبوعاً قامتِ العلياءُ فيها

وافردي للمجدِ من نورٍ جناحاً ** يسبقُ الريحَ ارتقاءً، واسبقيها

مَولدٌ للنّور في ميلاد طفلٍ ** يغمرُ البيداءَ نوراً .. فانظريها

والرُّبى غنّت، وماجَ الكونُ شوقاً ** وانتشت أصداؤها فخراً وتيها

وفي الحنين إلى بيت الله تقول:

دعاني الحبيبُ! فيا نفسُ طيبي **وطيري مع الحلمِ شوقاً وذوبي

ودوري مع الفُلْكِ ما شئتِ وَجداً **وطوفي ذُرى الكون سَعداً وغيبي

دعاني الحبيبُ وقد كان حُلماً **أمنّي به النفسَ دون الرَّقيبِ

وما كنتُ يوماً أظنّ الأماني ** ستحيا بقلبي كغُصنٍ رطيبِ

ولكنْ هوَ الله، جارُ المحبين والهائمين وربّ القلوبِ!

وتقول لصاحبتها التي جاءت تودّعها، في رحلة إلى بيت الله:

قالتْ وداعاً .. يا لَقلبي! .. تبتغي حجَّاً وعُمرةْ

قلتُ اذكريني عنده .. فالشوق قد أشعلتِ جَمْرهْ

القلبُ صبٌّ عاشقٌ .. واليومَ قد أفشيت سِرَّهْ

حرّكتِ في صدري حنيناً .. لستُ أخفي بعدُ أمرهْ

أيقظتِ في روحي أماني كنتُ أرجوها .. وثورهْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير