[شاعر العاصي بدر الدين الحامد ... ويوم الجلاء]
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[21 - 04 - 2007, 11:53 ص]ـ
يوم الجلاء!!
شاعر العاصي بدر الدين الحامد
ألقاها الشاعر في أول عيد جلاء عن سورية 17/ 4 / 46
ومازالت المأساة مستمرة .....
بلَغتِ ثأرَكِ لا بغيٌ ولا ذامُ=يا دارُ ثغرُكِ منذ اليومِ بسَّامُ
ولّت مصيبَتُكِ الكبرى مُمَزّقةً=وأقلعتْ عن حِمى مروانَ آلامُ
لقد طويتِ سجوفَ الدّهرِ صابرةً=السّيفُ منصلتٌ والظّلمُ قوّامُ
على روابيكِ أنفاسٌ مطهَّرةٌ=وفي محانيكِ أشلاءٌ وأجسامُ
هذا الترابُ دمٌ بالدّمعِ ممتزجٌ=تهبُّ منه على الأجيالِ أنسامُ
لو تنطق الأرضُ قالت: إنني جدَثٌ=فيَّ الميامينُ آسادُ الحمى ناموا
ستٌّ وعشرونَ مرّت كلما فرغتْ=جامٌ من اليأسِ صِرفاً أترعَتْ جامُ
لولا اليقينُ ولولا اللهُ ما صبرتْ=على النّوائبِ في أحداثها الشّامُ
يومُ الجلاءِ هو الدنيا وزينتُها=لنا ابتهاجٌ وللباغين إرغامُ
وجهُ الغرابِ توارى وانطوى علَمٌ=للشّؤمِ مذْ خفقَتْ للعينِ أعلامُ
ياراقداً في روابي (ميسلونَ) أفِقْ=جلتْ فرنسا فما في الدّارِ هضَّامُ
لقدْ ثأرنا وألقينا السّوادَ وإنْ=مرَّتْ على الليثِ أيّامٌ وأعوامُ
لو (فيصلٌ) عادَ حيّاً بيننا فيرى=أنَّ العلوجَ هنا في الشّامِ ما داموا
إنْ أخرجوه فقد نالوا جزاءَهُمُ=هذي (دمشقُ) لديها تُخفَضُ الهامُ
(غورو) يجيءُ (صلاحَ الدين) منتقماً=مهلاً فدنياكَ أقدارٌ وأيَّامُ
هذي الديارُ قبورُ الفاتحينَ فلا=يغرُرْكَ ما فتكوا فيها وما ضاموا
مهدُ الكرامةِ عينُ اللهِ تكلؤها=كم في ثراها انطوى ناسٌ وأقوامُ
تجرُّ ذيلَ التّعالي في مرابعِها=المجدُ طوعٌ لنا والدهرُ خدّامُ
فيا فرنسا ارجعي بالخزيِ صاغرةً=ذكراكِ في صفحةِ التّاريخِ آثام
دارُ النّيابةِ في التّمجيدِ كعبتُنا=يأتي حطيمَ علاها منكِ هدّامُ
يا ويحَ مَن يدّعي التّمدينَ عن كذبٍ=وحشٌ له من ثيابِ النّاسِ هندامُ
ألقى السِّلاح أمامَ الأقوياءِ ولم=يخجلْ، ولكنّهُ في الشّامِ مقدامُ
تمرُّ بي صورٌ لو رحْتُ أرسِمُها=لما شفتنيَ أوراقٌ وأقلامُ
شتّى مآثرُ من نبلٍ ومن شرفٍ=الحقُّ يجمعُها والدّهرُ رسّامُ
لو يذكرونَ على (العاصي) هزيمتَهم=وللمذاويدِ في الميدانِ إقدامُ
الطّائراتُ رميناها وجيشُهُمُ=من رعشةِ الخوفِ أشتاتٌ وأقسامُ
يومٌ بيومٍ قضينا وِترَنا وكفى=اليأسُ في الخلفِ والآمالُ قُدّامُ
ذكراهُمُ كرسيسِ الداءِ إنْ خَطَرتْ=في القلبِ ثارتْ جراحاتٌ وأسقامُ
الحمدُ لله ولَّوا وانقضى زمنُ=شؤمٌ مطالِعُه في الدّهرِ إظلامُ
اليومَ في ملكنا هذا على أسسٍ=يبني القواعدَ إتقانٌ وإحكامُ
هنا التقينا – بلادَ العربِ قاطبةً =في دارةِ المجد أخوالٌ وأعمامُ
يا طالعينَ على الدّنيا بنصرِهِمُ=في كلّ قطرٍ لهم نقضٌ وإبرامُ
وفاؤنا البِكرُ لاتأتيهِ منقصَةٌ=في عرفنا العهدُ تقديسٌ وإعظامُ
العُرْبُ في كلّ دارٍ أمّةٌ ثبتتْ=لها بساحِ العلى والفضلِ أقدامُ
موحَّدونَ كبيتٍ واحدٍ جمعت=شتّى لُباناتِهِ في العيشِ أرحامُ
ناموا طويلاً فلمّا صاحَ صائحُهم=أصغوا إليه ومن مهدِ الكرى قاموا
مشارفُ الشّامِ تهتزّ العراقُ لها=وتنتشي طرباً في مصرَ أهرامُ
وفي الرّياضِ وبطحاءِ الحجازِ وما=وما تضُمّ صنعاءُ آمالٌ وأحلامُ
أمّا فلسطينُ فالأقدارُ ترمقها=فهل يكونُ لها للعيدِ إتمامُ
وفي حمى المغربِ الأقصى لنا وطنٌ=أهلوه يرجونَ والمُرجَوْنَ ظلاّمُ
عاثَ الفرنسيسُ في أمجادهم وبغَوا=فهم على الرَّغم ساداتٌ وحكّامُ
ويح الزّمان! أمغلوبٌ الوغى ملكٌ=مسلَّطُ الذّئبِ والأبطالُ أغنامُ
لابدّ للعمرِ من يومٍ نخلّده=أغرُّ يبلغُ فيه العُربُ ماراموا
هي العروبةُ – والأيّام شاهدةٌ- =يحمي حماها من الأفذاذ أفهامُ
أمنيَّةٌ قالَ فيها كلّ ذي غرضٍ=آمالُكم هذه في الدّهرِ أوهامُ
يا منكرَ الشّمسِ هذي الشّمسُ قد طلعت=دنيا الهناءةِ عامٌ بعده عامُ
(شكري) زعيمُ البلادِ الفردُ (معتصمٌ) =بربّهِ وأنا في الشّعر (تمّام)
مولايَ يا علمَ الصّدقِ الذي لمعت=لنبلهِ في سماءِ المجدِ أنجامُ
على يديك فرنسا زُلزلتْ وهوتْ =فاعمل لقومِكَ ولتهنأ بكَ الشّامُ
فما أشبه اليوم بالبارحة ....