[(( .. من روائع مراثي العرب " الأبيرد الرياحي " .. ))]
ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[27 - 03 - 2007, 03:28 م]ـ
:::
اللهم حمداً حمداً وشكراً شكراً
اللهم صلي وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم
وارضَ اللهم عن الخلفاءِ الراشدين المهديين أبا بكر وعمرَ وعثمانَ وعليّاً والحسنَ وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم:
أمّا بعد:
الأبيرد بن المعذّر بن قيس بن عتّاب .. ابن رياح بن يربوع بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم
الشاعرُ الجميلَ الوجهِ , الفصيحَ اللسان , الظريفَ الروح ,الطريرَ الهيئة
,الشريفَ القدر ,الكريمَ الجنان , السخيَّ البنانِ
بدويٌّ أصيلٌ من فرع نبيل ومحتد عريق و قَرْمٍِ عتيق ..
ذاك هو الأبيرد الرياحيّ ..
صاحب هذه المرثية الخالدة والتي أعدّها من المبكيات لأنها تضمّنت أبياتاً تشكرها منّا دموع أعيننا إن لم نملك ما نكافئ به قائلها رحمه الله ..
ذكر صاحب "المختلف والمؤتلف" عنه أنّه شاعرٌ مشهور ومقلٌّ محسنٌ له أشعار جياد حسان وديوان مفرد ..
أبقى الله ذكره بهذه المرثية الرائعة والتي رثا بها أخاه بريد بن المعذّر الرياحي ,
وجمال هذه المرثية - كغيرها من المراثي الرائعة التي احتفل بها الدهر -
تكمن في صدق الشعور والعاطفة المتأججة والود المحض والوفاء الخالص لانسانٍ عزيزٍ ربطته به قبل الألفة وشائج الرحم وآواصر القربى وتوثّقت تلك الحبال بالمودة والحب والإخلاص ..
إنّ مثل فقد من يحمل صفات "بريد" لهي والله مصيبةٌ أتحسسها بها رغم الفدافد الزمنية الشاسعة والآفاق الدهرية المتّسعة
التي تضرب بيننا,
بريد .. ملاذ كل داعٍ , وملبّ كل مستغيث ومطعم كل جائعٍ ومعين كل كلِّ
بريد .. نحّار الجزر في شهباء الجدب
ومنازل الخصم في بأساء الحرب
والمُنْتَظَرُ رأيه في عزّاء الكرب
لا أطيل عليكم في تقديمي لهذه القصيدة لكنّ مكانتها في قلبي تفرض ذلك كله ..
ومن أراد الاستزادة والاسهاب في قراءتها فعليه بكتاب:
((شعراء أمويّون)) للدكتورالفاضل نوري حمودي القيسي
والآن مع الأبيات:
قال الأبيرد بن المعذّر الرياحي يرثي أخاه بريداً:
تطاول ليلي لم أنمه تقلُّباً
............................. كأنّ فراشي حال من دونه الجَمْرُ
أراقبُ من ليل التِّمام نجومه
............................ لدن غاب قرن الشمس حتى بدا الفَجْرُ1
تذكّر عَلْقٍ بان منّا بنصرِه
............................ ونائلِهِ يا حبّذا ذلك الذِّكْرُ2
فإن تكن الأيام فرقن بيننا
............................ فقد عذرتنا في صحابتنا العُذْرُ3
وكنتُ أرى هجراً فراقك ساعةً
.......................... ألا لا بل الموتُ التفرُّقُ والهَجْرُ4
أحقّاً عباد الله أن لستُ لاقياً
.......................... بريداً طوال الدهر ما لألأَ العفْرُ5
فتى ليس كالفتيان إلا خيارَهم
.......................... من القوم جَزْلٌ لا قليلٌ ولا وَعْرُ6
فتى إن هو استغنى تخرَّق في الغنى
......................... وإن كان فقرٌ لم يضعْ متنَهُ الفَقْرُ7
وسامى جسيمات الأمور فنالها
......................... على العُسْرِ حتّى يدرك العُسْرَةَ اليُسْرُ8
ترى القوم في العزَّاء ينتظرونه
......................... إذا شكَّ رأي القوم أو حَزَبَ الأمْرُ9
فليتك كنت الحيَّ في الناس باقياً
.......................... وكنتُ أنا الميتُ الذي أدرك الدَّهْرُ10
فتىً يشتري حسن الثناء بمالِهِ
.......................... إذا السنة الشهباءُ قلَّ بها القَطْر11ُ
كأن لم يصاحبنا بريدٌ بغبطةٍ
........................... ولم تأتنا يوماً بأخبارِهِ البُشْرُ12
لعمري لنعم المرءُ عالى نعيَّهِ
.......................... لنا ابن عزيزٍ بعدما قصر العَصْرُ13
تمضَّت به الأخبار حتى تغلغلت
......................... ولم تثنها الأطباعُ دوني ولا الجُدْرُ14
فلمّا نعى الناعي بريداً تغوَّلت
......................... بي الأرضُ فرطَ الحُزْنِ وانقطَعَ الظَهْرُ15
عساكر تغشى النفس حتّى كأنني
......................... أخو نشوةٍ دارت بهامته الخَمْرُ16
إلى الله أشكو في بريد مصيبتي
........................ وبثّي وأحزاناً يجيش بها الصَّدْرُ17
وقد كنتُ أستعفي الإلهَ إذا اشتكى
¥