تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أبيات بليغة للنمر بن تولب العكلي رضي الله عنه]

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 05:05 ص]ـ

:::

هذه أبياتٌ بليغة للنمر بن تولب العكلي -رضي الله عنه -

في الحث على الجود والإنفاق

وقد استحسنتها لحكمتها وجمال التصوير فيها,,

قال النمِر بن تولب العكلي التيمي -

من بني تيم اللات بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر:

أعاذل إن يصبح صداي بقفرةٍ

بعيداً نآني صاحبي و قريبي

تري أنَّ ما أبقيتُ لم أك ربَّهُ

وأنَّ الذي أنفقتُ كان نصيبي

وذي إبلٍ يرعى ويحسبها له

أخي نَصَبٍ في رعيها ودؤوبِ

غدت وغدا ربٌّ سواه يقودها

وبدِّلَ أحجاراً وجالَ قليبِ!

الشرح والوقفات:

أعاذل إن يصبح صداي بقفرةٍ ** بعيداً نآني صاحبي و قريبي

تري أنَّ ما أبقيتُ لم أك ربَّهُ ** وأنَّ الذي أنفقتُ كان نصيبي

يخاطب الشاعر عاذلته في هذا البيت ويقول:

أعاذلتي إن يصبح بقية رفاتي (والصدى هنا هو بقية الميت) في أرضٍ مقفرةٍ

بعيدةٍ تركني فيها أصحابي و أقربائي تري حينها أنَّي لست ربَّ وراعي المال الذي ادخرته

بل إنّ نصيبي هو الذي أنفقته!!

وهذه نظرةٌ تدلُّ على مدى تعلق العرب بالجود

فالتالف في نظرهم ما أبقوه والباقي عندهم ما أتلفوه

ويذكرنا أيضاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما وزَّع لحم شاةٍ فسأل ما بقي منها

فقيل له كراعها فقال بقيت كلها إلا كراعها!! أو كما قال صلى الله عليه وسلم

لقد أقتبس الشاعر مقدمت شطريه من قول حاتم الطائي:

أعاذلَ إن يصبح صداي بقفرةٍ ** من الأرض لا ماءٌ لديَّ ولا خَمْرُ

تري أنّ ماأبقيتُ لم أكُ ربَّهُ ** وأن يدي مما بخلتُ به صِفْرُ

لكن أظن الشاعر لم يتعمد هذا الاقتباس بل كانت أبيات حاتمٍ

عالقةً في ذاكرته منذ نشأته ونعومة أظفاره بالشعر فجرت على لسانه تلقائياً

والتلقائية واضحة في الأبيات فهي تجري بسلاسةٍ وهدوء ..

بداية بالنداء المرخَّم (أعاذلَ) ونهايةً بالقافية السائلة بالياء والباء والكسرة ..

والله إنه أحق بها من حاتم الطائي والناظر يدرك الفارق بين البيتين ..

لم يكتف الشاعر بهذه الحكمة المجردة حتى صوَّر لها قصة قصيرة رائعة التصوير فقال:

وذي إبلٍ يرعى ويحسبها له** أخو نَصَبٍ في رعيها ودؤوبِ

غدت وغدا ربٌّ سواه يقودها ** وبدِّلَ أحجاراً وجالَ قليبِ!

لنغمض أعيننا قليلاً و نسبح في هذين البيتين ..

أعرابي ذو إبلٍ - واللافت هنا أن الشاعر لم يقيّد عدد هذه الابل واكتفى بقوله "وذي إبلٍ" .. وكفى بهذا تقييداً-

هذا الاعرابي صاحب الابل اجتهد في رعايتها اجتهاداً شديداً حتى صار"أخاً للنصب والشدة "الدؤوب" من رعايته لها!!

ما أجمل هذا اللفظ " أخو نصبٍ في رعيها ودؤوبِ"

ليخيل إليك كل صور العناء والنصب

- (من إيرداها وتمريضها وحمايتها وحلبها .. ألخ- وكل هذا هم في هم!!)

ماذا حدث لهذا الاعرابي أو الراعي بعد كل هذا العناء والجهد ...

غدت وغدا ربٌّ سواه يقودها ... !!

تخيلوا معي صورة الابل وهي غادية في الصباح

-الصورة طبيعية حتى الآن -

لكن

.. غدا ربٌ سواه يقودها ....

لقد تغيَّر شكل الراعي فقط بإضافة لفظ "سواه"

حسناً أين صاحبنا؟؟؟ ... "أخو النصب والدؤوب" الجواب:

وبدِّلَ أحجاراً وجالَ قليبِ!

سبحان الله ذهب كله ذلك الجهد سدىً ....

لقد مات واستبدل عن قطيعه بقطيع آخر لكنه من الأحجار أحجار قبره

وسياجٍ غير السياج الذي يحوط بإبله إنه حوض قبر ه!!!

ما أجمله من تصوير بديع وما أبلغها من قصةٍ قصيرة صامتة ...

رضي الله عنك يا نمر بن تولب ..

والسلام,,,

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 10:18 ص]ـ

جزاك الله خيرأ أخي رؤبة على هذا الإختيار الجميل والتطواف الرائع، نفع الله بك.

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[08 - 05 - 2007, 01:37 م]ـ

جزاك الله خيرأً أخي الأديب الحبيب الشمالي على مرورك

المفترع بكارة الموضوع:) ,,

ونفعنا بما تقدمه وتتحفنا به بارك الله عليك ,,

والسلام,,,

ـ[أبوالركاب]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 12:23 ص]ـ

غدت وغدا ربٌّ سواه يقودها ** وبدِّلَ أحجاراً وجالَ قليبِ!

ما أجمل هذا الكلام!! وما أعظم هذه النفس التي جادت به!!

وما أروع من اختار لنا هذه المقطوعة المذهبة!! وما أروع تحليله وعرضه للأبيات!!

لله درك يارؤبة,,

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 12:43 م]ـ

جزاك الله خيراً أستاذي وأخي الحبيب أبا الركاب على مرورك وإطرائك الجميل,,

هذا الكلام العذْب خرج من فمٍ عربيٍّ مبينٍ

لامست قسماتِ وجه صاحبه أنوارُ وجه الهادي الحبيب

صلوات ربي وسلامه عليه

ولي طلب منك أخي الحبيب:

أن تواصل السير عني بإضافتك للأبيات الخالدة ,,

في هذا المنتدى ,,

فسوف أغيب عنكم مدة قد تتجاوز الشهر أو الشهرين وذلك لظروف ظُعْن

وفقكم الله لكل خير ولا تنسونا من خالص دعائكم

والسلام,,,

ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[09 - 05 - 2007, 01:08 م]ـ

إلى أين يا رؤبه

حفظك الله ورعاك

سادعو لك ولكن في ظهر الغيب

كان الله في عونك

ولو أنه خبر مؤلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير