[د. الجميلي]
ـ[عمر صالح علي]ــــــــ[13 - 03 - 2007, 04:46 م]ـ
الشاعر محمود المحروق
وبدايات الشعر الحر في العراق
أ. د. صالح علي حسين الجميلي
جامعة تكريت /كلية التربية
قسم اللغة العربية
المقدمة
هذه الدراسة تسلط الضوء على قضية الريادة في الشعر الحر في العراق،وكما اتفق او كاد يتفق اغلب الباحثين على ان الريادة من نصيب نازك الملائكة والسياب،ومنهم من يتبعهم البياتي والحيدري وشاذل طاقة، ولكن شاعرنا ظل بعيداً عن دائرة الضوء هذه.
حاولت هذه الدراسة ان تضع المحروق في مكانه الصحيح بين الشعراء الرواد اذا كانت الريادة تعني اسبقية النشر في الصحف اما اذا كانت الريادة تعني الابداع الشعري المتميز فهذا شيء اخر غير الذي عنيت به الدراسة،لان ذلك سيقدم شعراء ويؤخر اخرين في سلم الابداع لان الحكم هذا سيكون للجودة من دون النظر الى مدة تتفاوت بين عدة اشهر او سنة لان ذلك الزمن لايعني شيئاً في عمر الابداع الشعري.
دارت هذه الدراسة على ثلاثة محاور: تناول الاول موقع المحروق في الساحة الشعرية العراقية في نهاية الاربعينيات ومطلع الخمسينات،حاولت ان اثبت انه من رواد الشعر الحر في العراق ولكن بعده عم وسائل النشر في بغداد جعله بعيداً عن دائرة الضوء ومن ثم ادى ذلك الى غياب اسمه عن الساحة الشعرية والادبية.
واختص المحور الثاني بريادة المحروق في الشعر الحر في مدينة الموصل وذلك ومن خلال تقديم ابرز الدواوين التي صدرت في المدينة في تلك الحقبة، اما المبحث الثالث فقد دار حول اراء المحروق النقدية وأهميتها في تأسيس الحركة النقدية في الموصل وانضاج منطلقاتها واتجاهاتها بعد.
المحروق وبدايات الشعر الحر في العراق (1)
تضاربت الافكار والاراء في منصف الاربعينات ومطلع الخمسينات حول مفهوم الشعر الحديث عند ظهوره كما اخلفت التسميات والمصطلحات وتعددت المفاهيم فهو عند نازك الملائكة اسلوب جديد ... وهو ليس خروجاً على طريقة الخليل وانما هو تعديل لها (2) وهو عند السياب شعر متعدد الاوزان والقوافي (3) ثم ظلت التسميات قلقة لا تستقر على حال لاسباب كثيرة اهمها جسامة (الحدث) الذي ارتطم بجدار متين من التراث الهائل لامة تمتد جذورها في عمق التاريخ واهم ما يميز تراثها الشعري الممتد من العصر الجاهلي حتى وقتنا الحاضر.
لقد تسارع مصطلح (الشعر الحر) في الظهور على السنة الشعراء والنقاد وان ترددت معه انذاك مصطلحات اخرى مثل (الشعر المرسل) و (الشعر المطلق) او المنطلق وغيرها من المصطلحات واغلب الظن ان تسمية (الشعر الحر) جاءت خطئاً من المصطلح الانكليزي ( Free Verse) الذي يعني الشعر الطليق من الوزن والقافية وهو نوع من التجديد في الشعر الغربي،نوه عنه شعراء المهجر وكتبوا بعض قصائدهم على نمطه.
وعند الحديث عن بداية (الشعر الحر) في العراق لابد ان نتاول خارطة الشعر الحر في الوطن العربي في تلك الحقبة من الزمن فلقد ظهر هذا النوع من التجديد والخروج على الاوزان والقوافي في مصر ولبنان وقبل ظهوره في العراق حيث ان شعراء كثيرون قبل نازك والسياب بعض قصائدهم على هذا النط الجديد منهم خليل شيبوب ولويس عوض وعلي احمد باكثير في ترجمة لمسرحية (روميو وجوليت) التي نشرت عام 1947 وذكر في مقدمتها انها كانت تنتظر الطبع منذ عشرات سنوات ومنهم ايضاً محمد فريد ابو حديد ونيقولا فياض وفؤاد الخشن وسليم حيدر وغيرهم (4) كانت اغلب قصائدهم تنشر في مجلة الاديب اللبنانية في منتصف الاربعينيات ونشرت جريدة (العراق) عام 1929 قصيدة من (الشعر الحر) لأنور شاؤول تحت عنوان من الشعر المرسل يقول فيها:
ولكتوني مثلما كنت او سوف أكون
مثلاً للعاشقين
وإذا ما غبت يوماً فيكن طيفي بجنبك
باسماً أحلى ابتسام
ناثراً زهر السلام ... (5)
¥