تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من مراثي الوفاء- مرثية يزيد المهلبي للمتوكل العباسي-]

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[21 - 04 - 2007, 02:40 م]ـ

:::

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى

اللهم غفراً غفراً وشكراً شكراً,,

يزيد بن محمد المهلبي الأزدي

شاعر من شعراء الدولة العباسية الأولى عاصر الخليفةَ المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد

العباسي الهاشمي

و كان هو و البحتري من ندماء المتوكل وشعراء بلاطه كما يبدو من هذه المرثية

رثا الخليفة المتوكل بعد مقتله على يد ابنه غيلةً

بمعونة الترك لتنهدّ بذلك أركان الخلافة العباسية ويسدل الستار على العصر الذي جمع العرب والمسلمين من المشرق إلى المغرب -خلا الأندلس- تحت راية واحدة

وليتفرق بعدها على جثمان المتوكل جثمان دولة الخلافة

وتتشعّب الأمة شذر مذر,,

الروعة في هذه المرثية تكمن في شجاعة قائلها

فالمقتول هو الخليفة والقاتل هو ولي العهد

أي الخليفة الجديد فلم يعبأ المهلبي وكذلك البحتري أيضاً في مرثيته

بهذا النصب الجديد

بل عبّرا بصدق وإخلاصٍ ونفّثا من في صدورهما من حزن ووفاءٍ لخليفة كانا يفيئان إلى ظل أعطياته يوماً ما ...

المرثية:

لا حزن إلا أراهُ دونَ ما أجدُ

..... وهل كمن فقدت عيناي مفتقدُ؟!

لا يبعدن هالكٌ كانت منيَّتُهُ

... كما هوى عن غطاء الزُبْيَةِ الأَسِدُ1

لا يدفع الناس ضيماً بعد ليلتهم

... إذ لا تمدُّ على الجاني عليك يَدُ

لو أنَّ سيفي وعقلي حاضران له

... أبليته الجُهْدَ إذ لم يبلِهِ أَحَدُ

جاءت منيته والعين هاجعةٌ

... هلاَّ أتته المنايا والقنا قِصَدُ2؟!!

هلا أتته أعاديه مجاهرةً

... والحَرْبُ تُسْعَرُ والأبطالُ تجتلِدُ؟!!

فخرَّ فوق سرير المُلْكِ منجدلاً

... لم يحْمِهِ مُلْكُهُ لما انقضى الأمَدُ

قد كان أنصارُهُ يحمون حوزَتَهُ

... وللردى دون أنصار الفتى رَصَدُ

وأصبح الناس فوضى يعجبون لَهُ

... ليثاً صريعاً تنزّى فوقه النَّقَدُ3

علتْكَ أسيافُ من لا دونه أحدٌ

... وليس فوقك إلا الواحدُ الصَمَدُ

جاؤوا عظيماً لدنيا يسعدون بها

... فقد شَقوا بالذي جاؤوا وما سَعِدوا

ضجَّت نساؤكَ بعد العزِّ حين رأتْ

... خدّاً كريماً عليه قارتٌ جَسِدُ4

أضحى شهيد بني العبّاس موعظةً

... لكل ذي عزَّةٍ في رأسِهِ صَيَدُ5

خليفةٌ لم ينل ما ناله أحدٌ

... ولم يضعْ مثلَهُ روحٌ ولا جَسَدُ

كم في أديمك من فوهاء هادرةٍ

... من الجوائف يغلي فوقها الزَّبَدُ6

إذا بُكيتَ فإن الدمع منهملٌ

... وإن رُثيتَ فإنَّ القولَ مطَّرِدُ

قد كنتُ أسرفُ في مالي وتخلفُ لي

... فعلمتني الليالي كيف أقتَصِدُ

لما اعتقدتم أناساً لا حلومَ لهم

... ضعتم وضيَّعتمُ من كان يعتَقَدُ

ولو جعلتم على الأحرار نعمتكم

... حمتكم السادة المذكورة الحُشُدُ

قومٌ هم الجِذْمُ والأنسابُ تجمعهم

... والمجْدُ والدينُ والأرحامُ والبلَدُ7

إذا قريشٌ أرادوا شدَّ ملكهمُ

... بغير قحطانَ لم يبرحْ بِهِ أَوَدُ8

قد وُتِرَ الناس طُرّاً ثم قد صمتوا

.... حتى كأنَّ الذي نيلوا به رَشَدُ!! 9

من الألى وهبوا للمجْدِ أنفسهم

... فما يبالون ما نالا إذا حُمدوا

==========

1 - الزيبة: حفرة يصاد بها الأسد وجمعها زُبا وإذا بلغها السيل فيكون أشد ما يكون لذا يقال بلغ السيل الزُبا

2 - أي أنه قتل غيلة فهلا قتله قاتلوه حرباً في ساحة وغى

ولله دره فهذا البيت حق أن يقال في كل بطل قتل غيلةً وغدراً.

3 - تنزى: تقفز - والنقَدَ: صغار الغنم!

4 - قارتٌ جَسِدُ:أي عليه دم قد تجمد.

5 - الصَيَد: هو في الأصل داء يأخذ بالراس يشبه به غطرسة الملوك ورفعتهم.

6 - أديمك:أي جلدك - فوهاء: الطعنة العميقة - هادرة: لها صوت - من الجوائف: أي بالغة الجوف - الزبد: الرغوة وهو يعني الدم الفوّار.

7 - الجِذْم: الأصل.

8 - لم يبرح به أوَدُ: أي أن ملك قريشٍ لا يزال مضطرباً إذا إبتغت بغير قبائل قحطان تثبيتاً له!!

والشاعر من قحطان وهي القبائل ذات الأصل اليمني

وأصول قبائل قحطان:"الأزد وهمدان ومذحج وكندة وقضاعة وطيئ ولكلٍ منها فروع لا تعد ولا تحصى"

9 - الوِتْر: الثأر- يعني كأنَّ الذي أصاب الناس من مقتل الخليفة هو الحق والرشاد وليس ظلماً أو عدواناً

======================

هذا .. وقد يتساءل البعض عن علة انتقائي قصائد الرثاء

والسبب أنها أصدق ما قيل من شعرٍ وبالأخص إذا كانت مثل هذه فالشاعر لا ينتظر من المرثي أجراً بل

لربما كان أجره أن تكون رأسه بين قدميه!!

والسلام,,,

ـ[أحاول أن]ــــــــ[21 - 04 - 2007, 04:22 م]ـ

من البخل ألا نثني على روعة الاختيار ..

أثنى عليك الله خيرا مما نثني ..

جاءت منيته والعين هاجعةٌ

... هلاَّ أتته المنايا والقنا قِصَدُ

قدر الله وما شاء فعل .. لا خيارات ..

فخرَّ فوق سرير المُلْكِ منجدلاً

... لم يحْمِهِ مُلْكُهُ لما انقضى الأمَدُ

لا يحمي أحدا والله وليت لنا قلوب ٌ نسمع ونعقل بها .. !

قد كنتُ أسرفُ في مالي وتخلفُ لي

... فعلمتني الليالي كيف أقتَصِدُ

درس ٌ موجع ٌ علمُه .. باهض ٌ ثمنُه ..

لما اعتقدتم أناساً لاحلومَ لهم

... ضعتم وضيَّعتمُ من كان يعتَقَدُ

ولو جعلتم على الأحرارنعمتكم

... حمتكم السادة المذكورة الحُشُدُ

ما أشبه الليلة بالبارحة!!!

ــــــ

رحمك الله يا متوكل وجزاك عن قمع الفتنة ونصر العلماء خير الجزاء وأوفاه ..

ــــــ

وأجزل لك العطاء أيها المُختار الحاذق .. وثبتك على الحق بالقول الثابت ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير