فَاسْتَبْدَلَتْ بِهمُ دِيا ***** رُهُمُ الرِّيَاحَ الهاوِيَهْ
وَتَشَتّتتْ عَنها الجُمو ***** عُ، وَفَارَقَتْها الغاشِيَهْ
فَإذا مَحَلٌّ لِلْوحُو ***** شِ، وللكِلابِ العاوِيَهْ
دَرَجُوا فَما أَبْقَتْ صُرُو ***** فُ الدَّهر مِنهم باقِيَهْ
لم يَبْقَ مِنْهُمْ بَعْدَهُمْ ***** إلاّ العِظامُ البالِيَهْ
* * *
والدَّهْرُ لا يَبْقى عَلَيْـ ***** ـهِ الشَّامِخَاتُ الرّاسيَهْ
يا عاشقَ الدّارِ التي ***** لَيْسَتْ لَهُ بمُؤَاتِيَهْ
أحْبَبْتُ دَاراً لم تَزَلْ ***** عن نَفْسها لَكَ ناهِيَهْ
أاُخَيَّ فَارْمِ محاسن الدُّ ***** نْيا بعين قَالِيَهْ
وَاعْصِ الهَوَى فما دَعا ***** كَ له، فَبِئْسَ الدّاعِيَهْ
أتَرَى شَبابَكَ عائداً ***** مِنْ بَعْدِ شَيْبِكَ ثانِيَهْ؟
* * *
يَا دَارُ ما لِعُقُولِنا ***** مسْرورةً بِكَ، راضِيَهْ؟
إنّا لَنَعْمُرُ فيكِ نا ***** حِيَةً وَنَتْرُكُ ناحِيَهْ
مَا نَرْعَوي لِلْحادِثا ***** تِ وَلاَ الخُطوبِ الجارِيَهْ
واللهُ لا تَخْفَى عَلَيـ ***** ـهِ من الخلائق خافيَهْ
عجباً لنا ولِجَهْلِنا ***** أنّ العقولَ لَواهِيَهْ
إنّ العُقولَ لَذاهِلا ***** تٌ غَافِلاتٌ لاهِيَهْ
* * *
[134]
أفَلا نَبِيعُ مَحَلَّةً ***** تَفْنَى، بِاُخرى باقِيهْ؟
نَصْبُو إلى دار الغرو ***** ر ونَحْنُ نَعْلَمُ ماهِيَهْ
مَنْ مُبلِغٌ عَنّي الإما ***** مَ نَصَائِحاً مُتَوَالِيَهْ؟
إنّي أرى الأسعارَ أسـ ***** ــعارَ الرَّعيّةِ، غَالِيَهْ
وأرى المكاسِبَ نَزْرَةٌ ***** وأرَى الضرورةَ فَاشِيَهْ
وأرى اليتامَى والأرا ***** مِلَ في البيوتِ الخالِيَهْ
* * *
من بَيْنِ راج لم يَزَلْ ***** يَسْمُو إليكَ وَرَاجِيَهْ
يَرْجُونَ رِفْدَكَ كَيْ يَرَوْا ***** مِمّا لَقَوْهُ العَافيه
مَنْ يُرْتَجَى لِلنّاسِ غَيْـ ***** ـرُكَ للعُيونِ الباكِيَهْ؟
من للبطون الجائعا ***** ت وللجسوم العاريه؟
يا ابْنَ الخلائف لا فُقِدْ ***** تَ، ولا عَدِمت العافيهْ
إنّ الاُصولَ الطيبا ***** تِ لها فُروعٌ زاكِيَهْ
ألْقيتُ أخباراً إلَيـ ***** ـكَ، من الرعيّة شافِيَهْ ((1))
وفي مكان آخر يذكر عظمة الخالق فيقول:
فيا ((2)) عَجَباً كَيْفَ يُعْصَى الإله ***** أمْ كيفَ يَجْحَدُهُ الجاحِدُ
وللهِ في كُلِّ تَحْريَكَة ***** وفي كُلِّ تسكينة شاهِدُ
وفي كُلِّ شَيء لَهُ آيةٌ ***** تَدُلُّ على أنَّهُ الواحِدُ ((3))
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ديوان أبو العتاهية: ص187. ديوان أبو العتاهية: ص485. ديوان أبي العتاهية / شرح: مجيد طرّاد: ص437. أبو العتاهية / تحقيق: الدكتور شكري فيصل: ص404.
(2) «أيا عَجَباً» ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ج6، ص250.
(3) الاشعاع القرآني في الشعر العربي: ص89. شرح ديوان أبو العتاهية: ص70. ديوان ï ًأبي بكر الشبلي / جمعه: الدكتور كامل مصطفى الشبيبي: ص76. تاريخ مدينة دمشق: ج13، ص453.
[135]
وقال فيمن غَرّتْهُ الدنيا وأفضت به إلى الهلاك:
مسكينٌ مَنْ غَرّتْ الدُّنيا بآمالِه ***** ِفكمْ تلاعَبَتْ الدُّنْيا بأمثالِهِ
استَغْنِ بِاللهِ عَمّنْ كنتَ تَسْأَلُهُ ***** فاللهُ أفضلُ مسؤول لسؤالهِ ((1))
توفّي أبو العتاهية سنة 210هـ.
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[22 - 05 - 2007, 05:56 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الحارث السماوي على هذا الموضوع الجميل والمفيد.
ـ[ديمة]ــــــــ[22 - 05 - 2007, 11:08 م]ـ
بارك الله فيك وشكراعلى المعلومات القيمة.
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[24 - 05 - 2007, 02:56 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الحارث السماوي على هذا الموضوع الجميل والمفيد.
بورك مرورك أيها المكرم
ـ[الحارث السماوي]ــــــــ[24 - 05 - 2007, 02:57 م]ـ
بارك الله فيك وشكراعلى المعلومات القيمة.
بوركت أخيه