ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[06 Jul 2006, 10:48 م]ـ
نفع الله بكم ـ شيخنا الفاضل ـ وزادكم من فضله
لا يخفاكم أن للعرب في نطقها وأدائها قواعد وأصول ... منها بعض الأحكام التي سطرها العلماء في فن التجويد؛ ولذا جاء ذكر كثير منها في كتب اللغة كـ: صفات الحروف ومخارجها، والإمالة،، والروم، والأدغام ... وغيرها
والتسامح في تطبيق بعض الأحكام قد يكون مقبولا؛ لكن اختراع أحكام أخرى ـ في نظري ـ غير مقبول خصوصا في الزيادة، فهذا الذي مد لفظ «الله» و «الصلاة» أتى بزيادة أحرف من غير أصل يستند إليه، فهو نوع من التحريف والتغيير في بنية الكلمة.
قال ابن قدامة في المغني:
إن أفرط في المد والتمطيط وإشباع الحركات، بحيث يجعل الضمة واوا، والفتحة ألفا، والكسرة ياء، كره ذلك.
ومن أصحابنا من يحرمه؛ لأنه يغير القرآن، ويخرج الكلمات عن وضعها، ويجعل الحركات حروفا.
وقد روينا عن أبي عبد الله، أن رجلا سأله عن ذلك، فقال له: ما اسمك؟ قال: محمد.
قال: أيسرك أن يقال لك: يا موحامد؟ قال: لا.اهـ
وهذا وإن كان في القرآن إلا أن التعليل يلحق الأذان به، وهو أن الزيادة على بنية الكلمة من غير سبب ممنوع.
والله أعلم.
ولعل الإخوة المشايخ يتحفوننا بزيادة فائدة.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[07 Jul 2006, 04:52 م]ـ
وجدت بعض الفوائد حول الموضوع:
في مواهب الجليل 1/ 438:
(فَوَائِدُ الْأُولَى)
فِي بَيَانِ أُمُورٍ يَغْلَطُ فِيهَا الْمُؤَذِّنُونَ مِنْهَا:
مَدُّ الْبَاءِ مِنْ " أَكْبَرُ " فَيَصِيرُ جَمْعَ كَبَرٍ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَهُوَ الطَّبْلُ فَيَخْرُجُ إلَى مَعْنَى الْكُفْرِ.
وَمِنْهَا: الْمَدُّ فِي أَوَّلِ " أَشْهَدُ " فَيَخْرُجُ إلَى حَيِّزِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا إنْشَائِيًّا، وَكَذَلِكَ يَصْنَعُونَ فِي أَوَّلِ الْجَلالَةِ.
وَمِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى " لا إلَهَ " وَهُوَ كُفْرٌ وَتَعْطِيلٌ، قَالَ الْقَرَافِيُّ وَقَدْ شَاهَدْتُ مُؤَذِّنَ الْإِسْكَنْدَرِيَّة يَمُدُّ إلَى أَنْ يَفْرُغَ نَفَسُهُ هُنَاكَ، ثُمَّ يَبْتَدِئُ " إلَّا اللَّهُ ".
وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَهُمْ لَا يُدْغِمُ تَنْوِينَ مُحَمَّدًا فِي الرَّاءِ بَعْدَهَا، وَهُوَ لَحْنٌ خَفِيٌّ عِنْدَ الْقُرَّاءِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَهُمْ لا يَنْطِقُ بِالْهَاءِ مِنْ الصَّلاةِ فِي قَوْلِهِ: " حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ " وَلا بِالْحَاءِ مِنْ " حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ " فَيَخْرُجُ إلَى الدُّعَاءِ إلَى " صَلا النَّارِ " فِي الْأَوَّلِ وَإِلَى " الْفَلا " فِي الثَّانِي وَالْفَلا: جَمْعُ فَلاةٍ، وَهِيَ الْمَفَازَةُ نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْقَرَافِيُّ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ فَرْحُونٍ.
وَزَادَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: مَدَّ هَمْزَةِ " أَكْبَرُ "
وَتَسْكِينَهَا
وَفَتْحَ النُّونِ مِنْ " أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ "
وَالْمَدَّ عَلَى هَاءِ " إلَهَ " وَتَسْكِينَهَا أَوْ تَنْوِينَهَا، وَهُوَ أَفْحَشُ
وَالإِتْيَانَ بِهَاءٍ زَائِدَةٍ بَعْدَ الْهَاءِ مِنْ " إلَهَ "
وَضَمَّ " مُحَمَّدًا "
وَمَدَّ " حَيَّ " أَوْ تَخْفِيفَهَا
وَإِبْدَالَ هَمْزَةِ " أَكْبَرُ " وَاوًا، وَقَدْ اسْتَخَفُّوهُ فِي الإِحْرَامِ فَيَكُونُ هُنَاكَ أَحْرَى انْتَهَى مُخْتَصِرًا.
(قُلْتُ) وَيَبْقَى شَيْءٌ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ، وَهُوَ:
إشْبَاعُ مَدِّ أَلْفِ الْجَلالَةِ الَّتِي بَيْنَ اللامِ وَالْهَاءِ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ سَبَبٌ لَفْظِيٌّ يَقْتَضِي إشْبَاعَ مَدِّهَا فِي الْوَصْلِ أَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَيْهَا كَمَا فِي آخِرِ الأَذَانِ، وَالإِقَامَةِ، فَالْمَدُّ حِينَئِذٍ جَائِزٌ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، نَعَمْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ فِي بَابِ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ: أَنَّ الْعَرَبَ تَمُدُّ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَالاسْتِغَاثَةِ، وَعِنْدَ الْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ الشَّيْءِ، وَيَمُدُّونَ مَا لا أَصْلَ لَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ انْتَهَى.
ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ الْمَوَاقِيتِ مَا نَصُّهُ: " وَقَصْرُ الأَلْفِ الثَّانِي مِنْ اسْمِ اللَّهِ غَيْرُ جَائِزٍ إلا فِي الشِّعْرِ، وَالإِسْرَافُ فِي مَدِّهِ مَكْرُوهٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ الْمَدِّ. انْتَهَى.
والذي أشار إليه من كلام ابن الجزري في النشر عند ذكره سبب المد: اللفظي والمعنوي، قال 1/ 344:
وأما السبب المعنوي:
فهو قصد المبالغة في النفي وهو سبب قوي مقصود عند العرب وإن كان أضعف من السبب اللفظي عند القراء، ومنه مد التعظيم في نحو (لا إله إلا الله، لا إله إلا هو، لا إله إلا أنت) وهو قد ورد عن أصحاب القصر في المنفصل لهذا المعنى.
ونص على ذلك أبو معشر الطبري وأبو القاسم الهذلي وابن مهران والجاجاني وغيرهم. وقرأت به من طريقهم وأختاره، ويقال له أيضاً: مد المبالغة.
قال ابن مهران في كتاب المدات له: إنما سمي مد المبالغة؛ لأنه طلب للمبالغة في نفي إلهية سوى الله سبحانه قال: وهذا معروف عند العرب؛ لأنها تمد عند الدعاء وعند الاستغاثة وعند المبالغة في نفي شيء، ويمدون ما لا أصل له بهذه العلة.
قال: والذي له أصل أولى وأحرى.
قلت: يشير إلى كونه اجتمع سببان وهما: المبالغة، ووجود الهمزة ـ كما سيأتي ـ والذي قال في ذلك: جيد ظاهر. اهـ النقل من النشر
هذا الكلام يدل على أن المد عند العرب له سببان:
لفظي ـ وقواعده معروفة ـ.
ومعنوي، وقد نص على ما سمع منهم في ذلك، وبين أنه خلاف الأصل.
ولذا تجد العلماء في باب الأذان في أكثر المذاهب بينوا أخطاء وألحان المؤذنين وجعلوها قسمين:
مخل بالمعنى، وغير مخل، وذكروا أمثلة لذلك نحو ما نقل هنا عن مواهب الجليل ...
والشاهد أنهم نصوا على كونه لحنا، وأنه غلط مكروه.
¥