تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

? وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ? أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال.

ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة، الحميد في ذاته، وأسمائه، لأنها حسنى، وأوصافه، لكونها عليا، وأفعاله لأنها فضل وإحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي أوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه [الغني في حمده].

ـ[الطبيب]ــــــــ[20 Aug 2006, 02:38 م]ـ

من آثار أسماء الله الحسنى

قال ابن القيم رحمه الله في المدارج:

فمن أسمائه سبحانه الغفار التواب العفو فلا بد لهذه الأسماء من متعلقات ولا بد من جناية تغفر وتوبة تقبل وجرائم يعفى عنها ولا بد لاسمه الحكيم من متعلق يظهر فيه حكمه إذ اقتضاء هذه الأسماء لآثارها كاقتضاء اسم الخالق الرزاق المعطي المانع للمخلوق والمرزوق والمعطي والممنوع وهذه الأسماء كلها حسنى، والرب تعالى يحب ذاته وأوصافه وأسماءه فهو عفو يحب العفو ويحب المغفرة ويحب التوبة ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه أعظم فرح يخطر بالبال، وكان تقدير ما يغفره ويعفو عن فاعله ويحلم عنه ويتوب عليه ويسامحه من موجب أسمائه وصفاته وحصول ما يحبه ويرضاه من ذلك وما يحمد به نفسه ويحمده به أهل سمواته وأهل أرضه ما هو من موجبات كماله ومقتضى حمده، وهو سبحانه الحميد المجيد وحمده ومجده يقتضيان آثارهما، ومن آثارهما مغفرة الزلات وإقالة العثرات والعفو عن السيئات والمسامحة على الجنايات مع كمال اقدرة على استيفاء الحق والعلم منه سبحانه بالجناية ومقدار عقوبتها فحلمه بعد علمه وعفوه بعد قدرته ومغفرته عن كمال عزته وحكمته كما قال المسيح صلى الله عليه وسلم إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم أي فمغفرتك عن كمال قدرتك وحكمتك لست كمن يغفر عجزا ويسامح جهلا بقدر الحق بل أنت عليم بحقك قادر على استيفائه حكيم في الأخذ به، فمن تأمل سريان آثار الأسماء والصفات في العالم وفي الأمر تبين له أن مصدر قضاء هذه الجنايات من العبيد وتقديرها هو من كمال الأسماء والصفات والأفعال وغايتها أيضا مقتضى حمده ومجده كما هو مقتضى ربوبيته وإلهيته.

ـ[الطبيب]ــــــــ[20 Aug 2006, 02:57 م]ـ

نظم لبعض الأسماء الحسنى

قال ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية:

فصل

في النوع الثاني من النوع الأول وهو الثبوت

هذا ومن توحيدهم إثبات أو= صاف الكمال لربنا الرحمن

كعلوه سبحانه فوق السما=وات العلى بل فوق كل مكان

فهو العلي بذاته سبحانه= اذ يستحيل خلاف ذا ببيان

وهو الذي حقا على العرش استوى= قد قام بالتدبير للأكوان

حي مريد قادر متكلم= ذو رحمة وإرادة وحنان

هو أول هو آخر هو ظاهر= هو باطن هي أربع بوزان

ما قبله شيء كذا ما بعده= شيء تعالى الله ذو السلطان

ما فوقه شيء كذا ما دونه= شيء وذا تفسير ذي البرهان

فانظر الى تفسيره بتدبر= وتبصر وتعقل لمعان

وانظر إلى ما فيه من أنواع معـ=ـرفة لخالقنا العظيم الشان

وهو العلي فكل أنواع العلـ=ـلو له فثابته بلا نكران

وهو العظيم بكل معنى يوجب التـ=ـعظيم لا يحصيه من إنسان

وهو الجليل فكل أوصاف الجلا=ل له محققة بلا بطلان

وهو الجميل على الحقيقة كيف لا= وجمال سائر هذه الأكوان

من بعض آثار الجميل فربها= أولى وأجدر عند ذي العرفان

فجماله بالذات والأوصاف والـ=أفعال والأسماء بالبرهان

لا شيء يشبه ذاته وصفاته= سبحانه عن إفك ذي بهتان

ـ[الطبيب]ــــــــ[20 Aug 2006, 03:11 م]ـ

إكثار ذكر الموت

قال القرطبي رحمه الله في التذكرة:

قال الدقاق: من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، و قناعة القلب، و نشاط العبادة. و من نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، و ترك الرضى بالكفاف، و التكاسل في العبادة.

فتفكر يا مغرور في الموت و سكرته، و صعوبة كأسه و مرارته، فيما للموت من وعد ما أصدقه، و من حاكم ما أعدله، كفى بالموت مقرحاً للقلوب، و مبكياً للعيون، و مفرقاً للجماعات، و هادماً للذات، و قاطعاً للأمنيات، فهل تفكرت يا ابن آدم في يوم مصرعك، و انتقالك من موضعك، و إذا نقلت من سعة إلى ضيق، و خانك الصاحب و الرفيق، و هجرك الأخ و الصديق، و أخذت من فراشك و غطائك إلى عرر، و غطوك من بعد لين لحافك بتراب و مدر، فيا جامع المال، و المجتهد في البنيان ليس لك و الله من مال إلا الأكفان، بل هي و الله للخراب و الذهاب و جسمك للتراب و المآب.

فأين الذي جمعته من المال؟ فهل أنقذك من الأهوال؟ كلا بل تركته إلى من لا يحمدك، وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك.

و لقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى: ? و ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ? أي: اطلب فيما أعطاك الله من الدنيا، الدار الآخرة و هي الجنة، فإن حق المؤمن أن يصرف الدنيا فيما ينفعه في الآخرة، لا في الطين و الماء و التجبر و البغي، فكأنهم قالوا: لا تنس أنك تترك جميع مالك إلا نصيبك الذي هو الكفن، و نحو هذا قول الشاعر:

نصيبك مما تجمع الدهر كله=رداءان تلوى فيهما و حنوط

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير