تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كمآله، و عند هذا التذكر و الاعتبار، يزول عنه جميع الأغيار الدنيوية، و يقبل على الأعمار الأخروية، فيزهد في دنياه، و يقبل على طاعة مولاه، و يلين قلبه، و يخشع جوارحه.

ـ[الطبيب]ــــــــ[21 Aug 2006, 09:05 ص]ـ

عشرة حروز من الشيطان

قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد:

قاعدة نافعة فيما يعتصم به العبد من الشيطان ويستدفع به شره ويحترز به منه وذلك عشرة أسباب:

أحدها: الاستعاذة بالله من الشيطان. قال تعالى: ? وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ? [فصلت: 36]، وفي موضع آخر ? إنه سميع عليم ? [الأعراف: 200]، وقد تقدم أن السمع المراد به ههنا. سمع الإجابة لا مجرد السمع العام. وتأمل سر القرآن كيف أكد الوصف بالسميع العليم بذكر صيغة. هو الدال على تأكيد النسبة واختصاصها. وعرف الوصف بالألف واللام في سورة حم لاقتضاء المقام لهذا التأكيد، وتركه في سورة الأعراف لاستغناء المقام عنه. فإن الأمر بالاستعاذة في سورة حم وقع بعد الأمر بأشق الأشياء على النفس وهو مقابلة إساءة المسيء بالإحسان إليه. وهذا أمر لا يقدر عليه إلا الصابرون، ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم. كما قال الله تعالى: والشيطان لا يدع العبد يفعل هذا. بل يريه أن هذا ذل وعجز، ويسلط عليه عدوه فيدعوه إلى الانتقام ويزينه له فإن عجز عنه دعاه إلى الإعراض عنه، وأن لا يسيء إليه ولا يحسن فلا يؤثر الإحسان إلى المسيء إلا من خالفه وآثر الله وما عنده على حظه العاجل، فكان المقام مقام تأكيد وتحريض فقال فيه: ? وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ? [فصلت: 36]، وأما في سورة الأعراف فإنه أمره أن يعرض عن الجاهلين وليس فيها الأمر بمقابلة إساءتهم بالإحسان. بل بالإعراض. وهذا سهل على النفوس غير مستعصي عليها. فليس حرص الشيطان وسعيه في دفع هذا كحرصه على دفع المقابلة بالإحسان فقال: ? وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ? [الأعراف: 200]، وقد تقدم ذكر الفرق بين هذين الموضعين، وبين قوله في حم المؤمن ? فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير? في صحيح البخاري عن عدي بن ثابت عن سليمان بن صرد قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما أحمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد].

الحرز الثاني: قراءة هاتين السورتين فإن لهما تاثيراً عجيباً في الاستعاذة بالله من شره ودفعه والتحصن منه. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تعوذ المتعوذون بمثلهما، وقد تقدم أنه كان يتعوذ بهما كل ليلة عند النوم، وأمر عقبة أن يقرأ بهما دبر كل صلاة. وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم: [إن من قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثاً حين يمسي وثلاثاً حين يصبح كفته من كل شيء].

الحرز الثالث: قراءة آية الكرسي ففي الصحيح من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتى آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر الحديث فقال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [صدقك وهو كذوب ذاك الشيطان]. وسنذكر إن شاء الله تعالى السر الذي لأجله كان لهذه الآية العظيمة هذا التأثير العظيم في التحرز من الشيطان واعتصام قارئها بها في كلام مفرد عليها وعلى أسرارها وكنوزها بعون الله وتأييده.

الحرز الرابع: قراءة سورة البقرة. ففي الصحيح من حديث سهل عن عبد الله عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا تجعلوا بيوتكم قبوراً وأن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير