(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 25)
تنبغي الخلطة، فالأجرب لا يخالط الصحيح، هكذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الاتقاء والحذر من أسباب الشر، لكن ليس المعنى: أنه إذا خالط فإنه سيعدي، لا، قد يعدي وقد لا يعدي، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الطب (5387) ,صحيح مسلم السلام (2220) ,سنن أبو داود الطب (3911) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 434). فمن أعدى الأول؟.
ومن هذا الباب قوله صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في صحيحه (3707) تعليقا، ورواه أحمد في مسنده 2\ 443، وذكر الحافظ ابن حجر في شرحه (فتح الباري) (10\ 158): أن أبا نعيم وصله من طريق أبي داود الطيالسي، وسنده صحيح، وذكر أيضا أن ابن خزيمة وصله كذلك، وقال البغوي بعد أن أورده في شرح السنة (3247) فر من المجذوم فرارك من الأسد والمقصود: أن تشاؤم أهل الجاهلية بالعدوى وبالتطير أو الهامة - وهي: روح الميت، يقولون: إنها تكون كأنها طائر حول قبره يتشاءمون بها - وهذا باطل لا أصل له، وروح الميت مرتهنة بعمله إما فى الجنة أو النار.
والطيرة والتشاؤم بالمرئيات والسمعيات من عمل الجاهلية، حيث كانوا يتشاءمون إذا رأوا شيئا لا يناسبهم مثل الغراب، أو الحمار الأسود، أو مقطوع الذنب، أو ما أشبه ذلك، فيتشاءمون به، هذا من جهلهم وضلالهم، قال الله جل وعلا في الرد عليهم: سورة الأعراف الآية 131 أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فالله بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع، والطيرة لا أصل لها، ولكنه شيء يجدونه في صدورهم ولا حقيقة له، بل هو شيء باطل، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الطب (5422) ,صحيح مسلم السلام (2223) ,سنن ابن ماجه الطب (3536) ,مسند أحمد بن حنبل (2/ 267). لا طيرة.
ولذا يجب على المسلم إذا رأى ما يتشاءم به: ألا يرجع عن حاجته، فلو خرح ليسافر، وصادفه حمار غير مناسب أو رجل غير مناسب أو ما أشبه ذلك، فلا يرجع، بل يمضي في حاجته ويتوكل
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 26)
على الله، فإن رجع فهذه هي الطيرة، والطيرة قادحة في العقيدة ولكنها دون الشرك الأكبر، بل هي من الشرك الأصغر.
وهكذا سائر البدع، كلها من القوادح في العقيدة، لكنها دون الكفر، إن لم يصاحبها كفر.
فهذه البدع مثل: بدعة الموالد، والبناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، ومثل صلاة الرغائب هذه كلها بدع، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب، هذه بدعة ليس لها أصل، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالا يتقرب بها، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قربة، فهذا لا أصل له، والأحاديث فيه غير صحيحة، بل هو من البدع.
والجامع في هذا: أن كل شيء من العبادات يحدثه الناس ولم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ولم يقره فهو بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: صحيح البخاري الصلح (2550) ,صحيح مسلم الأقضية (1718) ,سنن أبو داود السنة (4606) ,سنن ابن ماجه المقدمة (14) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 270). من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، وقال: صحيح مسلم الأقضية (1718) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وكان يقول في خطبة الجمعة: جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه (867) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، يحذر الناس من البدع ويدعوهم إلى لزوم السنة صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على أهل الإسلام أن يلزموا الإسلام ويستقيموا عليه، وفي هذا كفايتهم وكمالهم، فليسوا بحاجة إلى بدع، يقول الله تعالى: سورة المائدة الآية 3 الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
(الجزء رقم: 8، الصفحة رقم: 27)
فالله أكمل الدين وأتمه بحمده وفضله، فليس الناس بحاجة إلى بدع يأتون بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2678)، وابن ماجه (42، 43، 44). عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.
فليس الناس بحاجة إلى بدع زيد وعمرو، بل يجب التمسك بما شرعه الله، والسير على منهج الله، والوقوف عند حدوده، وترك ما أحدثه الناس، كما قال الله سبحانه وتعالى ذما للبدع وأهلها: سورة الشورى الآية 21 أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ
وفق الله الجميع لما فيه الخير، وأصلح أحوال المسلمين، ووفقهم للفقه في دينه، وجنبهم أسباب الزيغ والضلال والانحراف، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين.