وقال الإمام ابن علان الصديقي الشافعي في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: (التراويح) ... وهي عندنا لغير أهل المدينة عشرون ركعة بعشر تسليمات، كما أطبقوا عليه كذلك في زمن عمر رضي اللّه عنه لما اقتضاه نظره السديد من جمع الناس على إمام واحد فوافقوه، ينوي بهما من التراويح أو من قيام رمضان وكانوا يوترون عقبها بثلاث، وسر العشرين أن الرواتب المؤكدة في غير رمضان عشر، فضوعفت فيه لأنه وقت جدّ وتشمير، ولهم – أي أهل المدينة -فقط لشرفهم بجواره – صلى الله عليه وسلم - ست وثلاثون جبراً لهم بزيادة ست عشرة في مقابلة طواف أهل مكة أربعة أسباع، بين كل ترويحتين من العشرين سبع، وابتداء حدوث ذلك كان في أواخر القرن الأول، ثم اشتهر ولم ينكر، فكان بمنزلة الإجماع السكوتي. اهـ
وقال العلامة محمد أنور شاه الكشميري في العرف الشذي شرح سنن الترمذي: وأما فعل الفاروق فقد تلقاه الأمة بالقبول، واستقر أمر التراويح في السنة الثانية في عهد عمر رضي الله عنه كما في تاريخ الخلفاء وتاريخ ابن الأثير وطبقات ابن سعد، وفي طبقات ابن سعد زيادة أنه كتب عمر في بلاد الإسلام: أن يصلوا التراويح، وقال ابن الهمام: إن ثمانية ركعات سنة مؤكدة وثنتي عشر ركعة مستحبة، وما قال بهذا أحد، أقول: إن سنة الخلفاء الراشدين أيضاً تكون سنة الشريعة لما في الأصول أن السنة سنة الخلفاء وسنته، وقد صح في الحديث: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) فيكون فعل الفاروق الأعظم أيضاً سنة ... واستقر الأمر على عشرين ركعة. اهـ
وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان: واختلف في قيام رمضان خاصة، والأولى أن يؤخذ بما ارتضاه السلف، وقد قدمنا في هذه المسألة رسالة عامة هي رساة التراويح أكثر من ألف عام في مسجد النَّبي عليه السلام، وقد استقر العمل على عشرين في رمضان. اهـ
قال العلامة الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر رحمه الله جواباً على السؤال التالي: نحن نقوم بصلاة التراويح بثمان ركعات لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على ثمان ركعات، وإذا قمنا بصلاة عشرين ركعة فإن المصلين يطلبون التخفيف كل التخفيف، والنفس لا تطمئن إلى هذا التخفيف الذى يطلبونه ولا تتم الأركان به.
ونحن نرى أن صلاة التراويح بثمان ركعات بالاطمئنان أولى من التخفيف الذى يطلبونه فما رأيكم.
فقال في الجواب: الإجماع منعقد منذ عصر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن قيام شهر رمضان مرغوب فيه أكثر من سواه من الأشهر.
لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري عن أبى هريرة أما التراويح التي جمع الناس عليها عمر بن الخطاب، فهي سنة مؤكدة في قول فقهاء المذاهب عدا مالك.
وقد اختلف الفقهاء في المختار من عدد ركعاتها، فقال الأئمة أبو حنيفة ومالك في أحد قوليه والشافعي وأحمد وداود هي عشرون ركعة سوى الوتر وروى عن مالك أنه كان يستحسن ستا وثلاثين ركعة، والوتر ثلاث.
وسبب اختلاف الفقهاء في عدد الركعات، اختلاف الرواية في ذلك، وقد روى عن أبى حنيفة في هذا قوله (الاختيار شرح المختار ج 1 ص 67) التراويح سنة مؤكدة ولم يتخرصه (جاء في القاموس تخرصه، افترى عليه) عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا، ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولقد سن عمر (يعنى عشرين ركعة للتراويح عدا ركعات الوتر الثلاث) هذا والصحابة متوافرون، وما رد عليه واحد منهم ووافقوه وأمروا بذلك، وعند مالك التراويح مندوبه ندباً أكيداً لكل مصلى من الرجال والنساء.
هذا ويسن إقامتها فى جماعة سنة كفاية، لو تركها أهل مسجد أتموا، وإن تخلف عن الجماعة أفراد وصلوا فى منازلهم لم يكونوا مسيئين والجماعة مندوبة فيها عند الإمام مالك.
أما حديث عائشة الذي رواه البخاري والمشار إليه في السؤال، فليس نصاً في عدد ركعات صلاة التراويح، وإلا لما احتج الإمام أبو حنيفة على أنها عشرون ركعة بما سنة عمر، ولَمَا خفي عن عمر أيضا والصحابة متوافرون موافقون على ما سن للناس.
لما كان ذلك: كان ما سنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أولى وأحق بالأتباع. هذا: والتخفيف فى الصلاة، لاسيما في الجماعة مطلوب لحديث معاذ المشهور في هذا الموضع، لكن ليس معنى التخفيف أن لا يحسن الإمام القراءة ولا أن يتمها، بل يتحرى أقل ما تجوز به صلاة الجماعة مع الاطمئنان والخشوع، الذي هو الفرض الأصلى فى الصلاة، ومن شقت عليه الجماعة فلينفرد، لكن لا يخلو مسجد من الجماعة فى التراويح. اهـ
وفي التاج المذهب لأحكام المذهب (زيدي) قوله: (فأما) صلاة (التراويح جماعة) فبدعة، وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من ليالي شهر رمضان بعد الفراغ من صلاة العشاء، وأما فرادى فمستحب. اهـ
¥