تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإجماع الصحابة وأيضاً فقولهم ليس في الباطن حكم خطأ بل حكم الله في الباطن هو ما جاء به النص الناسخ والخاص ولكن لا يجب عليه أن يعمل به حتى يتمكن من معرفته فسقط عنه لعجزه وقيل كان حكم الله في حقه هو الأمر الباطن ولكن لما اجتهد فغلب على ظنه أن هذا هو حكم الله انتقل حكم الله في حقه فصار مأموراً بهذا والصحيح ما قاله أحمد وغيره أن عليه أن يجتهد فالواجب عليه الاجتهاد ولا يجب عليه إصابته في الباطن إذا لم يكن قادراً عليه وإنما عليه أن يجتهد فان ترك الاجتهاد أثم وإذا اجتهد ولم يكن في قدرته أن يعلم الباطن لم يكن مأمورا به مع العجز ولكن هو مأمور به وهو حكم الله في حقه بشرط أن يتمكن منه ومن قال إنه حكم الله في الباطن بهذا الاعتبار فقد صدق وإذا اجتهد فبين الله له الحق في الباطن فله أجران كما قال تعالى ففهمناها سليمان ولا نقول ان حكم الله انتقل في حقه فكان مأمورا قبل الاجتهاد بالحق للباطن ثم صار مأموراً بعد الاجتهاد لما ظنه بل مازال مأمورا بأن يجتهد ويتقى الله ما استطاع وهو إنما أمر بالحق لكن بشرط أن يقدر عليه فإذا عجز عنه لم يؤمر به وهو مأمور بالاجتهاد فإذا كان اجتهاده اقتضى قولا آخر فعليه أن يعمل به لا لأنه أمر بذلك القول بل لان الله أمره أن يعمل بما يقتضيه اجتهاده وبما يمكنه معرفته وهو لم يقدر إلا على ذلك القول فهو مأمور به من جهة أنه مقدوره لا من جهة عينه كالمجتهدين في القبلة إذا صلوا إلى أربع جهات فالمصيب للقبلة واحد والجميع فعلوا ما أمروا به لا إثم عليهم وتعيين القبلة سقط عن العاجزين عن معرفتها وصار الواجب على كل أحد أن يفعل ما يقدر عليه من الاجتهاد وهو ما يعتقد أنه الكعبة بعد اجتهاده فهو مأمور بعين الصواب لكن بشرط القدرة على معرفته ومأمور بما يعتقد أنه الصواب وأنه الذي يقدر عليه وإذا رآه لم يتعين من جهة الشارع صلوات الله وسلامة عليه بل من جهة قدرته لكن إذا كان متبعا لنص ولم يبلغه ناسخه فهو مأمور باتباعه إلى أن يعلم الناسخ فان المنسوخ كان حكم الله في حقه باطنا وظاهرا وذلك لا يقبل إلا بعد بلوغ الناسخ له وأما اللفظ العام إذا كان مخصوصا فقد يقال صورة التخصيص لم يردها الشارع لكن هو اعتقد أنه أرادها لكونه لم يعلم التخصيص وهكذا يقال فيما نسخ من النصوص قبل ان يجب العمل به على المجتهد كالنصوص التى نسخت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعلم بعض الناس بنسخها وقد بلغه المنسوخ بها لا يقال إن المنسوخ ثبت حكمه في حقه باطناً وظاهراً كما قيل في أهل القبلة الذين وجب عليهم استقبالها باطنا وظاهرا قبل النسخ ولكن يقال من لم يبلغه النص الناسخ وبلغه النص الآخر فعليه اتباعه والعمل به وعلى هذا فتختلف الأحكام في حق المجتهدين بحسب القدرة على معرفة الدليل فمن كان غير متمكن من معرفة الدليل الراجح كالناسخ والمخصص فهذا حكم الله من جهة العمل بما قدر عليه من الأدلة وان كان في نفس الأمر دليل معارض راجح لم يتمكن من معرفته فليس عليه اتباعه الا إذا قدر على ذلك وعلى هذا فالآية إذا احتملت معنيين وكان ظهور أحدهما غير معلوم لبعض الناس بل لم يعلم الا ما لا يظهر للآخر كان الواجب عليه العمل بما دله على ذلك المعنى وان كان غيره عليه العمل بما دله على المعنى الآخر وكل منهما فعل ما وجب عليه لكن حكم الله في نفس الأمر واحد بشرط القدرة وإذا قيل فما فعله ذاك أمره الله به أيضا قيل لم يأمر به عينيا بل أمره أن يتقي الله ما استطاع ويعمل بما ظهر له ولم يظهر له الا هذا فهو مأمور به من جهة جنس المقدور والمعلوم والظاهر بالنسبة إلى المجتهد ليس مأموراً به من جهة عينه نفسه فمن قال لم يؤمر به فقد أصاب ومن قال هو مأمور به من جهة أنه هو الذي قدر عليه وعلمه وظهر له ودل عليه الدليل فقد أصاب كما لو شهد شاهدان عند الحاكم وقد غلطا في الشهادة فهو مأمور أن يحكم بشهادة ما شهدا به مطلقاً لم يؤمر بغير ما شهدا به في هذه القضية ولهذا قال إنكم تختصمون إلى ولعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض وإنما أقضى بنحو مما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار فهو إذا ظهرت له حجة أحدهما فلم يذكر الآخر حجته فقد عمل بما ظهر له ولا يكلف الله نفساً الا وسعها وهو مطيع لله في حقه من جهة قدرته وعلمه لا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير