تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من جهة كون ذلك المعين أمر الله به فإن الله لا يأمر بالباطل والظلم والخطأ ولكن لا يكلف نفساً الا وسعها وهذا يتناول الأحكام النبوية والخبرية والمجتهد المخطئ له أجر لأن قصده الحق وطلبه بحسب وسعه وهو لا يحكم الا بدليل كحكم الحاكم بإقرار الخصم بما عليه ويكون قد سقط بعد ذلك بإبراء أو قضاء ولم يقم به حجة وحكمه بالبراءة مع اليمين ويكون قد اشتغلت الذمة باقتراض أو ابتياع أو غير ذلك لكن لم يقم به حجة وحكم لرب اليد مع اليمين ويكون قد انتقل الملك عنه أو يده يد غاصب لكن لم يقم به حجة وكذلك الأدلة العامة يحكم المجتهد بعمومه وما يخصه ولم يبلغه أو بنص وقد نسخ ولم يبلغه أو يقول بقياس ظهر وفيه التسوية وتكون تلك الصورة امتازت بفرق مؤثر وتعذرت عليه معرفته فان تأثير الفرق قد يكون بنص لم يبلغه وقد يكون وصفا خفيا ففي الجملة الأجر هو على اتباعه الحق بحسب اجتهاده ولو كان في الباطن حق يناقضه هو أولى بالأتباع لو قدر على معرفته لكن لم يقدر فهذا كالمجتهدين في جهات الكعبة وكذلك كل من عبد عبادة نهى عنها ولم يعلم بالنهى لكن هي من جنس المأمور به مثل من صلى في أوقات النهى وبلغه الأمر العام بالصلاة ولم يبلغه النهى أو تمسك بدليل خاص مرجوح مثل صلاة جماعة من السلف ركعتين بعد العصر لأن النبي صلاهما ومثل صلاة رويت فيها أحاديث ضعيفة أو موضوعة كألفية نصف شعبان وأول رجب وصلاة التسبيح كما جوزها بن المبارك وغير ذلك فإنها إذا دخلت في عموم استحباب الصلاة ولم يبلغه ما يوجب النهى أثيب على ذلك وان كان فيها نهى من وجه لم يعلم بكونها بدعة تتخذ شعاراً ويجتمع عليها كل عام فهو مثل أن يحدث صلاة سادسة ولهذا لو أراد أن يصلى مثل هذه الصلاة بلا حديث لم يكن له ذلك لكن لما روى الحديث اعتقد أنه صحيح فغلط في ذلك فهذا يغفر له خطؤه ويثاب على جنس المشروع وكذلك من صام يوم العيد ولم يعلم بالنهى بخلاف ما لم يشرع جنسه مثل الشرك فان هذا لا ثواب فيه وإن كان الله لا يعاقب صاحبه إلا بعد بلوغ الرسالة كما قال تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا لكنه وإن كان لا يعذب فان هذا لا يثاب بل هذا كما قال تعالى وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً قال بن المبارك هي الأعمال التي عملت لغير الله وقال مجاهد هي الأعمال التي لم تقبل وقال تعالى مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح الآية فهؤلاء أعمالهم باطلة لا ثواب فيها وإذا نهاهم الرسول عنها فلم ينتهوا عوقبوا فالعقاب عليها مشروط بتبليغ الرسول وأما بطلانها في نفسها فلأنها غير مأمور بها فكل عبادة غير مأمور بها فلا بد أن ينهى عنها ثم إن علم أنها منهي عنها وفعلها استحق العقاب فان لم يعلم لم يستحق العقاب وإن اعتقد أنها مأمور بها وكانت من جنس المشروع فانه يثاب عليها وإن كانت من جنس الشرك فهذا الجنس ليس فيه شيء مأمور به لكن قد يحسب بعض الناس في بعض أنواعه أنه مأمور به وهذا لا يكون مجتهدا لأن المجتهد لابد أن يتبع دليلا شرعيا وهذه لا يكون عليها دليل شرعي لكن قد يفعلها باجتهاد مثله وهو تقليده لمن فعل ذلك من الشيوخ والعلماء والذين فعلوا ذلك قد فعلوه لأنهم رأوه ينفع أو لحديث كذب سمعوه فهؤلاء إذا لم تقم عليهم الحجة بالنهي لا يعذبون وأما الثواب فانه قد يكون ثوابهم أنهم أرجح من أهل جنسهم وأما الثواب بالتقرب إلى الله فلا يكون بمثل هذه الأعمال، (فصل) والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعي المسائل الخبرية والعلمية كما قد بسط في غير موضع كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه مثل من اعتقد ان الذبيح إسحاق لحديث اعتقد ثبوته أو اعتقد ان الله لا يرى لقوله لا تدركه الأبصار ولقوله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يدلان بطريق العموم وكما نقل عن بعض التابعين ان الله لا يرى وفسروا قوله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة بأنها تنتظر ثواب ربها كما نقل عن مجاهد وأبي صالح أو من اعتقد ان الميت لا يعذب ببكاء الحي لاعتقاده ان قوله ولا تزر وزارة وزر أخرى يدل على ذلك وان ذلك يقدم على رواية الراوي لان السمع يغلط كما اعتقد ذلك طائفة من السلف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير