تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المسألة السادسة: فهي أن رواية البخاري التي أشار إليها البهوتي رحمه الله، جاء فيها قول عمر رضي الله عنه حين أمر بأن تقام صلاة التراويح جماعة في أول الليل ورأى المسلمين قد فعلوا ذلك، قال: نعم البدعة. (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 300) والبدعة لها عند أهل العلم معنى لغوي ومعنى شرعي اصطلاحي. فالمعنى اللغوي: هو أن يبدع الإنسان وينشئ أمرا لم يكن معهودا له. والبدع كما يقول صاحب اللسان: الشيء الذي يكون أولا انظر: مادة بدع في اللسان لابن منظور 8\ 6. . وعليه فلو أن الإنسان كان من عادته ألا يأكل اللحم مثلا، وأكله أخيرا فإنه يعد مبتدعا في اللغة، لأنه عمل عملا وأنشأه على غير عادته، والظاهر أن عمر رضي الله عنه عنى بقوله في صلاة التراويح أو الليل: نعمت البدعة المعنى اللغوي، وذلك لأنه رضي الله تعالى عنه كان من عادته وديدنه أنه يصلي صلاة الليل ومنها التراويح والوتر آخر الليل لا أوله، فلما أمر المسلمين أن يصلوا تلك الصلاة في أول الليل وصلى معهم على خلاف عادته قال: نعمت البدعة يعني في حق نفسه لا أنه عنى البدعة الشرعية، التي قال الشاطبي معناها: أن يحدث أمرا في الشرع على غير مثال انظر: الاعتصام 1\ 36، 37. . فهي أخص من البدعة اللغوية ومن ظن: أن قول عمر رضي الله عنه من ذلك القبيل فقد أخطأ الصواب ويعجبني ما قاله الشاطبي في قول عمر رضي الله عنه، فهو يقول: فالعلوم الخادمة للشريعة وما كان له أصل في الشرع ليس ببدعة شرعية، ومن سمى ذلك بدعة، فإما على المجاز، كما سمى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيام الناس في ليالي رمضان بدعة، وإما جهلا بجوامع السنة والبدعة، فلا يكون قول من قال ذلك معتدا به ولا معتمدا عليه انظر: الاعتصام 1\ 36، 37. . وهذا الذي قاله الشاطبي رحمه الله حق، ولكنني لست معه، في أن عمر رضي الله عنه سمى قيام الناس في ليالي رمضان بدعة. وإنما كان يعني بقوله هذا نفسه لأنه كان قد خالف عادته وديدنه في أنه يصلي صلاة الليل ومنها الوتر في آخر الليل، وأقره رسول الله (الجزء رقم: 26، الصفحة رقم: 301) (صلى الله عليه وسلم) على ذلك كما هو ثابت. فهي إذن بدعة لغوية وليست شرعية، ولو كانت شرعية، فإن عمر قطعا لا يريدها بل هي مجاز كما قال الشاطبي رحمه الله. والدليل على أن عمر رضي الله عنه ما كان يقصد بقوله: البدعة الشرعية التي هي إحداث أمر في الشرع على غير مثال، ما يأتي: 1 - أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلى التراويح جماعة في رمضان. فقد روى البخاري في صحيحه بسنده إلى عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها أخبرته صحيح البخاري رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1908) ,صحيح مسلم رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (761) ,سنن النسائي رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1604) ,سنن أبو داود رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (1373) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 268) ,موطأ مالك رواه البخاري في (الإيمان) باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52) ومسلم في (المساقاة) باب أخذ الحلال وترك الشبهات برقم (1599). (250). أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس، فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصلى فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر، أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد: فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والأمر على ذلك. أفترى أن عمر يسمي صلاة التراويح جماعة بدعة وقد فعلها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ وهل فعل عمر رضي الله عنه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير