فلو سأل سائل وقال: أنا إن بقيت في بيتي أتلو كتاب الله بتدبر وخشوع وتأمل وبكاء أو تباك وأصلي في مسجد حيي خلف إمام أجد دموعي تسابق تلاوته وخشوعي يضارع طمأنينتي ومع هذا قائم بحق رعيتي وربما لم أجد هذا لو سافرت إلى البيت الحرام وصليت بين الركن والمقام منشغل البال بالأهل والعيال فأي الحالين أفضل وأكمل، لقلنا له بل بيتك ومسجدك وإمامك فا لزم، فهنا تواجد فضيلة لها تعلق بذات الفعل ولبه، وهناك تواجد الفضيلة له تعلق بالمكان أوالزمان، والمقدم ماكان تعلقه بذات الشئ لا بما كان خارجا عنه.
كانت هذه إلماحة عابرة كمذقة الشارب حول هذه القاعدة، وإلا فالكلام حولها يطول وكنت سأحرر الكلام فيها وأزينه بكلام أهل العلم، إلا أني خشيت من فوات مناسبة إيرادها، فأسرعت بها لهفة للعجلان، واحتسبت انشغالي بها عن مدارسة القرآن بالموعود عند الواحد الديان، ولعل لنا من عودة إن شاء الله لبسطها وتحريرها وتزيينها بكلام أهل العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
إنا لله وإنا إليه راجعون من تسارع الزمان وتصرم الأعمار، فيعلم الله لقد حال الحول على هذا المكتوب، وكان شبه منسي على الحاسوب، حتى استخرجته بنقرة، فكان أن خرجت زفرة، وفاضت العبرة، لما تذكرت من الأهل والأحباب من جمعتني بهم أرمضة، وغدت منهم دورهم وأوطانهم مقفرة، وأفتقدناهم في الجمعة والجماعة، ولم يعد لنا من موعد معهم إلا الساعة، حتى غدو تحت الجنادل والدثور وحدهم، بعد أن كنا نسمع أصواتهم، ونأنس بأشخاصهم، حال بيننا وبينهم سياج حق، فقامت لهم معنا حقوق.
حق الدعاء بالرحمة والمغفرة والصدقة ... ، إني لأتذكر في ساعة كريمة بعض من فقدتهم، فيكون أول ما أذكر حاجتهم لتأدية حقهم علي من رحم أو أخوة أو مودة أو وفاء ... ، بالدعاء لهم فما أحوجهم والله لأنفاس إخوانهم المؤمنين، والجزاء من جنس العمل.
وكم أزدري يعلم الله من يتحدث عن والديه أو أحدهما أو عزيز عليه بعد فقده، ثم تراه يأتي بذكره متشدقا دون ترحم أو استغفار، عندها أظن به قلة وفائه وزيف معدنه.
سنة كاملة مضت،،، فهل تركتنا أم نحن تركناها، أمّا هي فقد أبلت فينا بلاء حسنا، وعملت فينا بكل معول لها، وما أكثرها وأكثر أوصابها وأكدارها، أمّا نحن ففريقان غانم وغارم فنعوذ بالله من المأثم والمغرم.
وإني يعلم الله مذ عهدت الصيام وعقلت شهر رمضان ماعلمت أنه مرعلى كما بين رمضاننا هذا ورمضان العام، فما زالت الكثير من أحداث رمضان العام راسخة في الذهن كأنما تفصلنا عنها أيام. وإن في هذا لعبرة لنا جميعا فقد تسارع الزمان بشكل مخيف، فلم تعد الأعمار بالأعمار وإن كان الليل هو الليل والنهار هو النهار، فياسعادة من اغتنم أنفاس عمره في عمل صالح وبادر بما يحب قبل أن يبادر بما لا يحب.
إليك مولاي سف عبرتي، على أن بدت شيبتي، ولم أفق بعد من غيبتي
إليك ألقيت معاقد الآثام من عنقي، فتقبلني على ماكان مني
فوعزتك وجلالك ماعهدت منك إلا كل جميل
أذنب وتغفر، وأخطى وتعفو، وأجحد وتشكر
وأنت القوي الغني المهيمن الكريم الرحمن الرحيم
فالحمد لك مولاي إذ شرفتني برداء العبودية
والحمد لك مولاي إذ كسوتني من سترك الجميل
فيا أعظم من سوئل ويا أكرم من أعطى ويا أفضل من وهب ويا أرحم من رحم
ويا أصدق من وعد
نسألك وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
أن ترحم أمواتنا وأموات المسلمين وأن تملأ عليهم قبورهم نورا ورحمة
وأن تتجاوز عنهم وترفع درجتهم وتكرم نزلهم
وأن ترحمنا رحمة من عندك لا تغادرنا حتى نلقاك وأنت راض عنا
وإني لأرجو الله حتى كأني أرى بجميل الظن ما الله صانع
اللهم ارزقنا صدق التوكل عليك وحسن الظن بك
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2006, 10:30 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا التنبيه الهام، والقاعدة الجليلة. وقد عزيتني بمقالك لعدم قدرتي هذا العام، على المجاورة بالبيت الحرام. ولعلك تزيد هذه القاعدة بياناً وتأصيلاً في قابل الزمان بارك الله في علمك.
ليلة 23/ 9/1427هـ
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[15 Oct 2006, 09:25 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الأستاذ الكريم فلقد عزّيتني أيضا بمقالك ... أسأل الله تعالى أن يجعل ما كتبتَ في
ميزان حسناتك.
وأغتنمها فرصة لأذكرك بما وعدتنا من بعثٍ لـ ... " بعث الفكرة " ... فلعلك - جودا وكرما - تزجيها مع نسيمات العيد السعيد.
حليف النّدى يدعو النّدى فيجيبه ** سريعا ويدعوه النّدى فيجيب
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[03 Nov 2006, 03:18 م]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن إليك على هذه الكلمات المباركات