تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

محددات البحث: سيكون هذا البحث مقتصرا على نظرة أهل السنة والجماعة في هذه المسألة، واقتصر على ذلك خشية الإطالة، وليكون الخطاب من كل طائفة من طوائف المسلمين من خلال علمائها وكتبها؛ وهذا ادعى للإقناع والقبول.

خطّة البحث:

لقد قسم البحث إلى مقدمة وتمهيد، وأربعة مباحث وخاتمة.

التمهيد: مصطلحات البحث: تعريف الاجتهاد والأصل والفرع والعقيدة.

المبحث الأول: حكم الاجتهاد عمومًا وفي مسائل الاعتقاد خصوصًا.

المبحث الثاني: أدلّة وقوع الاجتهاد في فروع الاعتقاد.

المبحث الثالث: أقوال العلماء في حكم المخالف في مسائل الاجتهاد في الاعتقاد.

المبحث الرابع: نظرية ابن تيمية في الاجتهاد في فروع الاعتقاد.

الخاتمة: وفيها أهم النّتائج التي توصّلت إليها.

وختاما، فأسأل الله القدير أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.

التمهيد: تعريف بمصطلحات البحث

1. الاجتهاد لغة واصطلاحًا:

الكلام في مفهوم الاجتهاد يكون في معناه لغة، واصطلاحًا، وذلك ضمن النقاط التالية:

أولا: الاجتهاد لغة: مصدر مأخوذ من الجَهْد، والجُهْد: وهو بالفتح المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وبالضم، الوسع والطاقة، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة ([ i]) وهو كما قال الفيروزآبادي: " الجَهْدُ الطاقَةُ، ويضمُّ، والمَشَقَّةُ. واجْهَدْ جَهْدَكَ ابْلُغْ غايَتَكَ" ([ ii]).

وغاية الأمر: أن معنى الاجتهاد لغة يدور حول بذل الوسع والطاقة في طلب أمر من الأمور؛ ويصل إلى غايته ونهايته ومقصوده.

وهذا المعنى هو المقصود في تعريفنا الاصطلاحي له حيث يستفرغ المجتهد ([ iii]) وسعه وطاقته العقلية ضمن قواعد معينة للوصول إلى حكم شرعي باستثماره الأدلة النقلية ([ iv]).

ثانيا: الاجتهاد اصطلاحا ([ v]):

عرف الأصوليون الاجتهاد اصطلاحًا ([ vi]) بتعاريف عدة، ومنها ما عرفه به الإمام الغزالي بقوله: " بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة " ([ vii]) وعرفه ابن الحاجب بقوله: " هو استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي" ([ viii]).

2- تعريف الأصول والفروع لغة واصطلاحا:

ففي اللغة "الأصل واحد الأصول، يقال: أصل مؤصل، واستأصله، أي قلعه من أصله" ([ ix]).

والفرع في اللغة: "فرع كل شيء أعلاه" ([ x]) وعلى هذا يكون المعنى اللغوي للأصل والفرع هو الذي يبنى عليه غيره ويكون أساساً له، والفرع هو الذي يقوم على ذلك الأساس ويتشعّب منه.

وأما المعنى الاصطلاحي للأصل في عرف علماء العقيدة، فقد يراد به الأحكام الاعتقادية والتي تتفرع عنها الأحكام العملية، وهذا ما يبدو من تعريف الكلام عند التفتازاني والذي يراد به –علم العقيدة - حيث يقول في تعريفه: "إنه العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسب من أدلتها اليقينية" ([ xi]) ويوضح ذلك بقوله: "الأحكام المنسوبة إلى الشرع منها ما يتعلق بالعمل وتسمى فرعية وعملية، ومنها ما يتعلق بالاعتقاد، وتسمى أصلية واعتقادية" ([ xii]).

وقد يراد بالأصل القاعدة الكلية في العقيدة والمتفق عليها والمجمع عليها والتي تكون قطعية الثبوت والدلالة و التي تتشعب منها فروع تلك العقيدة الكلية وجزئياتها، التي تكون في محل الاجتهاد والاختلاف, وهذا ما أقصده في الفروع في هذا البحث.

وهذا التفريق بين الأصول والفروع في الاعتقاد أمر ثابت عند أهل السنة والجماعة، وغيرهم من الفرق والمذاهب الإسلامية، فهم يفرقون بين الأصول والفروع من حيث المفهوم، ومن حيث حكم المخالف في كل منهما.

فالأصل عندهم هو: ما كان ثابتًا بدليل قطعي الثبوت، قطعي الدلالة، وبالتالي فإن هذا الأصل يكون موضع إجماع من المسلمين، ولا يدخله الاجتهاد ولا التأويل، ويكون معلومًا من الدين بالضرورة ([ xiii]).

وقد يرى بعضهم مثل المعتزلة: أن الأصل في الدين، هو ما دل العقل عليه دون ما دلّ عليه الشرع ([ xiv]) والصحيح: أن الأصل في الدين هو ما كان ثابتًا بدليل سمعي شرعي قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وأن ما دون ذلك يكون فرعًا يدخله الاجتهاد.

ورتبوا على ذلك أن المخالف في الأصل يعتبر كافرًا، بينما المخالف في الفرع يعتبر مجتهدًا مصيبًا، أو مخطئًا في اجتهاده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير