تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد نص العلماء على تقسيم المسائل الاعتقادية إلى أصول وفروع، وإليك بعض أقوالهم في ذلك ([ xv]): قال ابن تيمية: "وقال المفسرون لمذهبهم – مذهب أهل السنة – أن له أصولاً وفروعًا، وهو مشتمل على أركان وواجبات – ليس بأركان ومستحبات – " وهذا في معرض حديثه عن أهل السنة حيث يعتقدون أن للإيمان أصولاً وفروعًا. وقال: فصل فيما اختلف فيه المؤمنون من الأقوال والأفعال في الأصول والفروع، فان هذا من اعظم أصول الإسلام الّذي هو معرفة الجماعة وحكم الفرقة والتقاتل والتكفير والتلاعن والتباغض وغير ذلك ([ xvi]) ويقسم ابن تيمية ([ xvii]) أمور الشرع إلى أصول وفروع ويبين أن الأصول هي ما جاء في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل الرسول e عن الإيمان فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ([ xviii]).

- وقال الإمام البغوي: "إن سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام وهو أصل كل خطأ في الأصول والفروع" ([ xix]).

- وقال ابن دقيق العيد: " والبداءة في المطالبة بالشهادتين؛ لأن ذلك أصل الدين، الّذي لا يصح شيء من فروعه إلا به " ([ xx]).

- وقال الإمام السمعاني فيما نقله عنه الإمام ابن القيم: " وبهذا يظهر مفارقة الاختلاف في مسائل الفروع اختلاف العقائد في الأصول " ([ xxi])

وقال أحمد بن الحسين البيهقي: "وفي حديث عبد الله بن عمرو: (إلا واحدة، ما أنا عليه وأصحابي) وإنما اجتمع أصحابه على مسائل الأصول، فإنه لم يُرْوَ عن واحدٍ منهم خلاف ما أشرنا إليه في هذا الكتاب. فأما مسائل الفروع فما ليس فيه نص كتاب ولا نص سنة فقد اجتمعوا على بعضه واختلفوا في بعضه، فما اجتمعوا عليه ليس لأحد مخالفتُهم فيه، وما اختلفوا فيه فصاحب الشرع هو الذي سوّغ لهم هذا النوع من الاختلاف؛ حيث أمرهم بالاستنباط وبالاجتهاد مع علمه بأن ذلك يختلف، وجعل للمصيب منهم أجرين، وللمخطئ منهم أجرًا واحدًا، وذلك على ما يحتمل من الاجتهاد، ورُفع عنه ما أخطأ فيه " ([ xxii]). ونجد إشارات متعددة للعلماء في التفريق بين الأصول والفروع من حيث الحكم بالكفر أو عدمه للمخالف فيرى القرطبي أن التأويل يعتبر باطلا إذا كان في موضع إجماع المسلمين ([ xxiii]) ويرى ابن حجر أن الكفر إنما يكون فيما خالف المعلوم من الدين بالضرورة ([ xxiv]) ويجمع ابن دقيق العيد بين الأمرين السابقين وينص على التواتر في النص ([ xxv]) وكذلك يشير السيوطي إلى المعنى نفسه ([ xxvi]).

3. الاعتقاد لغة واصطلاحاً:

العقيدة لغة: مشتقة من العقد، ومعناه نقيض الحل، وعقد الحبل شد بعضه إلى بعض، والعقود أوثق العهود

ومنه قوله تعالى:) يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ((1: المائدة) والعقيدة هي فعيل بمعنى مفعول أي المعتقدات، ومادة عقد في اللغة مدارها على اللزوم والتأكد والاستيثاق ([ xxvii]) ففي القران:) لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ((89: المائدة).

والعقيدة اصطلاحا: "هي القواعد أو الأحكام الشرعية الاعتقادية التي يطلب من المكلف الاعتقاد بها أي الإيمان بصحتها " ([ xxviii]) ويمكن تعريف العقيدة: "وهي الأمور التي تصدق بها النفوس، وتطمئن إليها القلوب وتكون يقينا عند أصحابها لا يمازجها ولا يخالطها شك" ([ xxix]). وبعد أن عرفت الاجتهاد والفرع والاعتقاد يمكن أن اعرف الاجتهاد في فروع الاعتقاد فأقول: بذل المجتهد وسعه في تحصيل حكم شرعي في مسالة من مسائل فروع الاعتقاد.

المبحث الأول

حكم الاجتهاد عمومًا وفي مسائل الاعتقاد خصوصًا.

أولاً: حكم الاجتهاد عمومًا:

مما هو معلوم أن حكم الاجتهاد فرض كفاية على الأمّة إذا قام به بعض المجتهدين فيها، سقط الإثم عن الآخرين، وإلا أثمت الأمّة كلها ([ xxx]).

والنصوص الدالة على هذا الحكم من الكتاب والسنة والإجماع مشهورة معروفة، منها قوله سبحانه وتعالى:) ولو ردوه إلى الله والرسول لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ((83: النساء).

وقوله تعالى:) فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ((122: التوبة).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير