تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد اختلف الصحابة ومن بعدهم من العلماء في من هو الدَّجّال؛ فمنهم من قال: أنه ابن الصياد، ومنهم من قال: أنه الرجل الذي رؤي في حديث الجساسة، وهذا ما رجحه ابن حجر في فتح الباري ([ lxxvi]).

ومما يدل على أن ابن الصياد هو الدَّجّال حديث جابر t الّذي في البخاري أنه كان يحلف أن ابن الصياد هو الدَّجّال ويقول: سمعت عمر t يحلف عند رسول الله r فلم ينكر عليه.

ولكن الأصح أن الدَّجّال غير ابن صياد وإن شاركه ابن صياد في كونه أعور ومن اليهود وأنه ساكن في يهودية أصبهان إلى غير ذلك؛ وذلك لأن أحاديث ابن صياد كلها محتملة وحديث الجساسة نصّ فيقدم.

ومما يرجح أن الدجال ليس هو ابن الصياد أن ابن الصياد كان في المدينة و قد أشارت الأحاديث أن ابن الدجال في بحر الشام أو بحر اليمن أو هو في قبل المشرق ([ lxxvii]).

وأما الاجتهاد في حقيقة النار التي معه، هل هي حقيقة أم تخيل؟ مال ابن حبان في صحيحه ([ lxxviii]) إلى أنه تخيل واستدل بحديث المغيرة بن شعبة في الصحيحين أنه قال: "ما سأل أحد النبي e ما سألته، وأنه قال لي: (ما يضرك منه؟) قلت: لأنهم يقولون: معه جبل خبز ونهر ماء، قال: (هو أهون على الله من ذلك) ([ lxxix]).

فمعناه: أنه أهون على الله من أن يكون معه ذلك حقيقة بل يرى كذلك وليس بحقيقة.

وقال جماعة منهم القاضي ابن العربي: بل هي على ظاهرها أي: فيكون ذلك امتحاناً من الله لعباده ويكون معنى الحديث: هو أهون من أن يخاف أو أن يضل الله به من يحبه ([ lxxx]).

ويدل على ذلك: "قولُ رَسُولِ اللَّهِ e: ( لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ أَحَدُهُمَا: رَأْيَ الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالآخَرُ: رَأْيَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا، وَلْيُغَمِّضْ ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ" ([ lxxxi]) أساس الخلاف في هذه المسالة كما أرى اعتبار الحقيقة والمجاز.

4 - الاجتهاد في المهدي: قال الحافظ ابن القيّم: "قد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال:

أحدها: أنه المسيح بن مريم عليه السلام وأنه هو المهدي على الحقيقة واحتج أصحاب هذا القول بحديث محمد بن خالد الجندي ([ lxxxii]) أي المتقدم وقد بينا حاله وأنه لا يصحّ، ولو صحّ لم يكن فيه حجة لان عيسى عليه السلام أعظم مهدي بين يدي الساعة فيصح أن يقال: لا مهدي في الحقيقة سواه إن كان غيره مهدياً يعني هو المهدي الكامل المعصوم.

ثانيها: أنه المهدي الّذي ولي من بني العباس قد انتهى واحتج أصحاب هذا القول بما رواه أحمد في مسنده عن ثوبان مرفوعاً: (إذا رأيتم الرايات السود أقبلت من خراسان فأتوها ولو حبواً على الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي) ([ lxxxiii]) وفيه على بن زيد ضعيف وله مناكير فلا يحتجّ بما ينفرد به.

وبما روى ابن ماجة من حديث الثوري عن ثوبان نحوه وتابعه عبد العزيز بن المختار عن خالد.

وفي سنن ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود t مرفوعاً: (إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءً وتشريداً وتطريداً حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود…) ([ lxxxiv]) الحديث، وفي إسناده يزيد بن أبى زياد وهو سيء الحفظ في آخر عمره وكان يقبل الفلوس.

قال: وهذا الّذي قبله لو صحّ لم يكن فيه دليل على أن المهدي هو الّذي تولى من بني العباس.

ثالثها: أنه رجل من أهل بيت النبي r من ولد الحسن أي: أو ولد الحسين بن علي يخرج في آخر الزمان وقد ملئت الأرض جوراً فيملؤها قسطاً وعدلاً واكثر الأحاديث على هذا.

أقول: وقد ادعى قومَ من السلف في محمد بن عبد الله المحض النفس الزكية أنه المهدي وقد مرّت الإشارة، والله أعلم ([ lxxxv]).

وفيما سبق يظهر اختلاف الأقوال نظرًا لاعتماد البعض على أحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، واختلاف العلماء في تصحيح الحديث أو تضعيفه.

5 - الاجتهاد في أول علامات الساعة وقوعًا ليوم القيامة: فقد ورد في بعض الروايات: أن أول الآيات خروج الدَّجّال.

وفي بعضها: أن أولها طلوع الشمس من مغربها.

وفي بعضها: الدابة.

وفي بعضها: نار تحشر الناس إلى محشرهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير