تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عنه علم الفرائض والوصايا والضرب والمساحة.

وفي شهر رمضان سنة 1216 ثارت بسببه فتنة عظيمة بصنعاء وذلك أن بعض أهل الدولة ممن يتظهر بالتشيع مع الجهل المفرط والرفض باطناً أقعد صاحب الترجمة على الكرسي الذي يقعد عليه أكابر العلماء المتصدرون للوعظ، وأمره أن يملي على العامة كتاب "تفريج الكروب" للسيد إسحاق بن يوسف المتوكل، وهو في مناقب علي كرم الله وجهه، ولكن لم يتوقف صاحب الترجمة على ما فيه بل جاوز ذلك إلى سبِّ بعض السلف مطابقة لغرض من حمله على ذلك لقصد الإغاظة لبعض أهل الدولة المنتسبين إلى بني أمية، كل ذلك لما بين الرجلين من المنافسة على الدنيا والمهافتة على القرب من الدولة وعلى جمع الحطام، فكان صاحب الترجمة يصرخ باللعن على الكرسي فيصرخ معه من يحضر لديه من العامة وهم جمع جم، وسبب حضورهم هو النظر إلى ما كان يسرج من الشمع وإلى الكرسي لبعد عهدهم به وليسوا ممن يرغب في العلم، فكان يرتج الجامع ويرتفع الصراخ ومع هذا فصاحب الترجمة لا يفهم ما في الكتاب لفظاً ولا معنى بل يصحِّف تصحيفاً كثيراً ويلحن لحناً فاحشاً، ويعبِّر بالعبارات التي يعتادها العامة ويتحاورون بها في الأسواق، وقد كان في سائر الأيام يجتمع معهم ويملي عليهم في مسجد الإمام صلاح الدين فأراد أن يكون ذلك في جامع صنعاء الذي هو مجمع الناس ومحل العلماء والتعليم لقصد نشر اللعن والثلب والتظاهر به، فلما بلغ ذلك مولانا خليفة العصر حفظه الله جعل إشارة منه إلى عامل الأوقاف، السيد إسماعيل بن الحسن الشامي أن يأمر صاحب الترجمة أن يرجع إلى مسجد صلاح الدين، فأمر السيد المذكور الفقيه أحمد بن محسن حاتم رئيس المأذنة أن يبلغ ذلك إلى صاحب الترجمة فأبلغه.

فحضر العامة تلك الليلة على العادة ومعهم جماعة من الفقهاء الذين وقع الظلم بهذا الاسم بإطلاقه عليهم فإنهم أجهل من العامة، فلما لم يحضر صاحب الترجمة في الوقت المعتاد لذلك وهو قبل صلاة العشاء ثاروا في الجامع ورفعوا أصواتهم باللعن ومنعوا من إقامة صلاة العشاء، ثم انضم إليهم من في نفسه دَغَلٌ للدولة أو متستر بالرفض، ثم اقتدى بهم سائر العامة فخرجوا من الجامع يصرخون في الشوارع بلعن الأموات والأحياء وقد صاروا ألوفاً مؤلفة، ثم قصدوا بيت الفقيه أحمد حاتم فرجموه، ثم بيت السيد إسماعيل بن الحسن الشامي فرجموه، وأفرطوا في ذلك حتى كسروا كثيراً من الطاقات ونحوها، وقصدوه إلى مدرسة الإمام شرف الدين يريدون قتله فنجاه الله وهرب من حيث لا يشعرون، وقد كانوا أيضاً قصدوا قتل الفقيه أحمد حاتم فهرب من الجامع إلى بيتي، ونحن إذ ذاك نملي في شرحي للمنتقى مع حضور جماعة من العلماء، ثم بعد ذلك عزم هؤلاء العامة وقد تكاثف عددهم إلى بيت السيد علي بن إبراهيم الأمين ورجموه وأفزعوا في هذه البيوت أطفالاً ونساءً وهتكوا حرماً، وكان السبب في رجمهم بيت السيد المذكور أنه كان في تلك الأيام يتصدر للوعظ في الجامع ولم يكن رافضياً لعاناً، ثم عزموا جميعاً وهم يصرخون إلى بيت الوزير الحسن بن عثمان العلفي وإلى بيت الوزير الحسن بن علي حنش، والبيتان متجاوران فرجموهما، وسبب رجم بيت الأول كونه أموي النسب ورجم بيت الآخر كونه متظهراً بالسنة متبرياً من الرفض، فأما بيت الفقيه حسن حنش فصعد جماعة من قرابته على سطحه ورجموهم حتى تفرقوا عنه وأصابوا جماعة منهم، أما بيت الفقيه حسن عثمان فرجموه رجماً شديداً واستمروا على ذلك نحو أربع ساعات حتى كادوا يهدمونه وشرعوا في فتح أبوابه ووقع الرمي لهم بالبنادق فلم ينكفوا لكونه لم يظهر لذلك فيهم أثر إذ المقصود بالرمي ليس إلا مجرد الإفزاع لهم، ثم بعد ذلك غار بعض أولاد الخليفة حفظه الله وبعض أصحابه فكفوهم فانكفوا وقد فعلوا ما لا يفعله مؤمن ولا كافر.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير