تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى في البحر المحيط 6/ 409: مسألة [إذا أجمعوا على خلاف الخبر] إذا ذكر واحد من المجمعين خبرا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يشهد بضد الحكم الذي انعقد عليه الإجماع، قال ابن برهان في الوجيز: يجب عليه ترك العمل بالحديث، والإصرار على الإجماع.

وقال قوم من الأصوليين: بل يجب عليه الرجوع إلى موجب الحديث.

وقال قوم: إن ذلك يستحيل، وهو الأصح من المذاهب. فإن الله تعالى عصم الأمة عن نسيان حديث في الحادثة، ولولا ذلك خرج الإجماع عن أن يكون قطعيا …والجمهور على الأول، لأنه يتطرق إلى الحديث احتمالات من النسخ والتخصيص ما لا يتطرق إلى الإجماع، بل لو قطعنا بالإجماع في صورة، ثم وجدنا على خلافه نصاً قاطعا من كتاب أو سنة متواترة، لكان الإجماع أولى، لأنه لا يقبل النسخ بخلاف النص، فإنه يقبله.

وفي مثل هذه الصورة يستدل بالإجماع على ناسخ بلغهم، أو موجب لتركه.

ولهذا قدم الشافعي الإجماع على النص لمَّا رتب الأدلة.

قلت: وقال في موضع آخر: الإجماع أكثر من الخبر المنفرد، وعلى هذا، فيجب على الراوي للخبر أن يترك العمل بمقتضى خبره، ويتمسك بالإجماع، وكذا قال الإمام في باب التراجيح من البرهان: إذا أجمعوا على خلاف الخبر تطرق الوهن إلى رواية الخبر، لأنه إن كان آحادا فذاك، وإن كان متواتراً فالتعلق بالإجماع لأنه معصوم، وأما الخبر فيتطرق إليه إمكان النسخ، فيحمل الإجماع على القطع لأنه لا ينعقد إلا على قطع، ويحمل الخبر على مقتضى النسخ استنادا وتبيانا، لا على طريق البناء. اهـ

الحكمة من كون دية المرأة على النصف دية الرجل

الواجب على المسلم التسليم والقبول لحكم الله عز وجل سواء عرف حكمته أو لم يعرفها، لقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (الأحزاب:36).

وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء:65).

ولا بأس أن يبحث المؤمن عن الحكمة لأن معرفتها تزيده يقينا واطمئناناً، ولكن إذا لم يعرفها فليعلم أن الله تعالى يبتلي عباده بعدم معرفة ذلك ليختبرهم ويمحصهم هل يسلمون لحكمه ويذعنون له لمجرد أمره؟ أم لا يستسلمون إلا لِمَا أدركوا حكمته، وقد ذكر بعض العلماء الحكمة من جعل دية المرأة على النصف من دية الرجل، ومن أولئك الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين قال في إعلام الموقعين 2/ 168: وأما الدية فلما كانت المرأة أنقص من الرجل، والرجل أنفع منها، ويسد ما لا تسده المرأة من المناصب الدينية والولايات وحفظ الثغور والجهاد وعمارة الأرض وعمل الصنائع التي لا تتم مصالح العالم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين لم تكن قيمتهما مع ذلك متساوية وهي الدية، فإن دية الحر جارية مجرى قيمة العبد وغيره من الأموال، فاقتضت حكمة الشارع أن يجعل قيمتها على النصف من قيمته لتفاوت ما بينهما. ا. هـ والله أعلم.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير