ـ[أبو العباس المقدسي]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 12:11 ص]ـ
هذا صحيح إذا لم نجد له مخرجا، أما إذا كان لكلامه وجه يمكن تخريجه عليه فما الداعي إلى التخطئة؟ وقد ذكر الكرام هنا وجوها لذلك.
وهذا هو المنهج السليم في النظر إلى تراث القدماء من أهل العربية؛ لما عرف عنهم من حرص شديد على التقيد بالعربية وقوانينها. ولو كان في هذا وأمثاله مطعن لما سكت عليه أهل العلم بالشعر والنحو إلى اليوم. والله أعلم.
أبا العباس، التمس لأخيك - الشاعر- عذرا؛ فإنه قد أفضى إلى ما قدم! ولو كان حيا لكان له معك شأن آخر، كما كان مع له غيرك في زمانه وللسبب نفسه.
أضحك الله سنّك أستاذنا
والحمد لله أنّ جريرا , ليس في عصرنا , وإلاّ لهجاني ببيت كالذي هجا به الأخطل , فقال أعزّكم الله:
والتغلبي إذا تنحنح للقرى ... حك استه وتمثل الأمثال
فعذرا إن تعدّيت على مقام هذا الشاعر الفطحل الذي عدّ له النقاد أبلغ الأبيات في الشعر في مجالات مختلفة
جاء في كتاب الأغاني:
"قال محمد بن سلام: ورأيت أعرابياً من بني أسد أعجبني ظرفه وروايته، فقلت له: أيهما عندكم أشعر؟ قال: بيوت الشعر أربعة: فخرٌ ومديح وهجاء ونسيب، وفي كلها غلب جرير،
قال في الفخر:
إذا غضبت عليك بنو تميمٍ ... حسبت الناس كلهم غضابا
والمديح:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
والهجاء:
فغض الطرف إنك من نميرٍ ... فلا كعباً بلغت ولا كلابا
والنسب:
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
قال أبو عبد الله محمد بن سلام: وبيت النسيب عندي:
فلما التقى الحيان ألقيت العصا ... ومات الهوى لما أصيبت مقاتله
رحم الله جريرا
مع أطيب التحيّة
ـ[علا عيد]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 01:01 ص]ـ
يسلمو على الفائدة
ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 04:49 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أستاذي الكريم الدكتور بهاء الدين حفظه الله ورعاه
كل عام وأنتم بخير وصحة وسلام.
ويفهم من كلامكم أنكم ترون مسوغ حذف العائد المجرور هو التوسع في الظرف وحمل العائد المجرور على المنصوب، وهذا يعني اقتصار الجواز ـ كما ترون ـ على حذف الضمير العائد على ما يمكن التوسع فيه كالظرف، وامتناع حذف ضمير الجر العائد على غير الظرف مما لا يصلح للتوسع فيه، فقلتم:
أي أنكم تعولون على مسألة التوسع في الظرف خاصة، دون النظر إلى كون الموصول أو منعوته مجرورا بجار مماثل للمحذوف مع مجروره الضمير العائد.
على أن جل النحاة إنما يشترط لجواز حذف العائد المجرور دخول خافض مطابق للمحذوف مع العائد على الموصول أو على منعوت الموصول، ولم يشترط عود الضمير على الظرف خاصة.
وقد ورد عن العرب في شواهدَ فصيحة أنهم حذفوا العائد المجرور مع الجار مع أن مرجع ضمير الجر ليس ظرفا، أي ليس صالحا للتوسع فيه، فخالف هذا ضابطكم الذي ذهبتم إليه في رأيكم.
ومن الشواهد:
لاَ تَرْكَنَنَّ إلى الأمْرِ الَّذِي رَكَنَتْ ... أَبْنَاءُ يَعْصُرَ حِينَ اضْطَرَّهَا الْقَدَرُ
حيث مرجع العائد ليس ظرفا ولا يصلح للتوسع فنقدر (ركنته) لكنْ يتعين (ركنتْ إليه)، وإنما جاز الحذف لأن منعوت الموصول مجرور بجار مطابق للمحذوف، وعليه يكون البيت مطابقا للمثال الذي أوردتموه للمنع حيث قلتم: "ولا يجوز: غضبت من الرجل الذي غضب زيد" ولا أجد فرقا في التركيب بين المثال والبيت، وعليه أراهما متفقين حكما كما اتفقا تركيبا.
ومنها:
نصلي للذي صلت قريش ... ونعبده وان جحد العموم
ومنها أيضا:
لقَدْ كُنْتَ تُخْفِي حُبَّ سَمْرَاءَ حِقْبَةً ... فَبُحْ لاَنَ مِنْهَا بِالَّذِي أَنْتَ بَائِحُ
فالعائد المحذوف ضمير الجر ليس عائدا على ظرف، ولا يصلح التوسع فنقدر (صلَّتْه) في البيت الأول، ونقدر (بائح إياه، أو بائحه) في البيت الثاني، بل يتعين (صلتْ له، بائح به) وإنما جاز الحذف لتحقق الضابط، وهو أن العائد المحذوف مخفوض بخافض مطابق لخافض الموصول في كلا البيتين.
وأما قولكم:
فقد عنّ لي هذا الوجه وهممت أن أذكره في مشاركتي الأولى في الموضوع لكني عدلت عنه لأن الظرف المجرور بـ (في) مجرور بجار أصلي لا زائد، وعليه لا يصح أن أقول: (انتظرتك في يومٍ ممطراً)، بالنصب نعتا على المحل، ولا يصح النصب إلا على قول من قال بالتوهم كأنني توهمت نصبي الظرفَ وعدم خفضي إياه بفي، وليس النصب على المحل.
وإلا أن أخصص النكرة (يوم) فأقول مثلا: (انتظرتك في يوم بهيج ممطرا)، ثم أنصب (ممطرا) على الحال أو على قطع النعت إلى النصب. والله أعلم.
تحياتي ومودتي.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. وكل عام وأنتم بخير ..
نعم أخي عليا ذكر النحويون المتأخرون هذه الشواهد، ولكنها لا تنهض حجة، فالبيت: لا تركنن ... بيت يتيم مجهول النسب لم يرد في كتب النحو التي تعد من الأصول .. وتخريجه أن الفعل ركنت ضمن معنى (اتبعت) أي: الأمر الذي اتبعته .. وأما بيت عنترة، فإن الفعل باح ورد متعديا كما ورد في اللسان:
يقال: باحَ الشيءَ وأَباحَه إذا جهر به.
وأما قوله: نصلي ... فالصلاة بمعنى الدعاء والدعاء يتعدى بنفسه.
وأما وصف الظرف المجرور بالنصب على المحل فهو قياس على العطف في نحو:
يذهبن في نجد وغورا غائرا.
وهوليس بأبعد من قوله: طلب المعقبِ حقه المظلومُ، وليس بأبعد من وصف اسم لا النافية للجنس بالرفع، وقد أجاز ابن مالك اتباع الوصف للموصوف على المحل مطلقا ظرفا أو غير ظرف، قياسا على المعطوف، وإني وإن كان هذا القياس لا يعجبني لا أجد فيه بأسا إذا كان المجرور ظرفا في الأصل.
وما قدمته اجتهاد أراه صوابا ولا أنفي عنه احتمال الخطأ.
مع التحية الطيبة
¥