ـ[علي المعشي]ــــــــ[11 - 12 - 2008, 11:24 م]ـ
نعم أخي عليا ذكر النحويون المتأخرون هذه الشواهد، ولكنها لا تنهض حجة، فالبيت: لا تركنن ... بيت يتيم مجهول النسب لم يرد في كتب النحو التي تعد من الأصول .. وتخريجه أن الفعل ركنت ضمن معنى (اتبعت) أي: الأمر الذي اتبعته .. وأما بيت عنترة، فإن الفعل باح ورد متعديا كما ورد في اللسان:
يقال: باحَ الشيءَ وأَباحَه إذا جهر به.
وأما قوله: نصلي ... فالصلاة بمعنى الدعاء والدعاء يتعدى بنفسه.
حياكم الله وبياكم أستاذي الجليل د. بهاء الدين حفظه الله
أما بيت عنترة فليكن القول فيه ما قلتم من تعدي (باح) كما جاء في اللسان، وأما البيتان الآخران فقد خرجتموهما على التضمين، والتضمين لا يكون إلا بقرينة، ولا قرينة فيهما إلا حذف العائد، وحذف العائد هنا لا يعد قرينة إلا على القول بـ (امتناع حذفه ما لم يكن عائدا على ظرف) وهذا القول ـ وإن كنت أعد صاحبه حجة ـ لما يثبت بعد، ولاسيما أن ثلاثة الأبيات ليست هي الشواهد على المسألة فقط، وأنه لم يسمع ـ فيما أعلم ـ تعدية (صلى) بجعل من تصرف إليه الصلاة مفعولا به على التضمين مثل (صليتُ اللهَ) وإن كان هو والفعل (دعا) بمعنى.
ومما عثرت عليه على عجل ما يأتي:
1ـ من نص طويل في صحيح البخاري:
" ... فلما صلى أبو بكر الظهر رقي علَى المنبر فتشهد وذكر شأن عليٍّ وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي فعظم حق أبي بكر ... "
أي: (وعذره بالذي اعتذر إليه به) لأن عليا رضي الله عنه اعتذر إلى أبي بكر رضي الله عنه بعذر وهذا العذر وارد في نص الحديث (قبل المقتبس)، فبين أبو بكر رضي الله عنه ذلك العذر للناس وعذر عليا بما اعتذر إليه به.
2ـ ومن حديث طويل آخر في صحيح مسلم:
" ... قالوا ويستجيرونك قال ومم يستجيرونني؟ قالوا من نارك يا رب قال وهل رأوا ناري؟ قالوا لا قال فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا ويستغفرونك قال فيقول قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا قال فيقولون رب فيهم فلان عبد خطاء إنما مر فجلس معهم قال فيقول وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم"
أي (وأجرتهم مما استجاروا منه)
وفي الحديثين حُذف الرابط المجرور مع الجار لدخول جار مطابق للمحذوف على الموصول، والنصان يعضدان ما جاء في الأبيات ويوافقان ما قرره النحاة من اشتراط دخول الجار على الموصول.
وأما وصف الظرف المجرور بالنصب على المحل فهو قياس على العطف في نحو:
يذهبن في نجد وغورا غائرا.
وهوليس بأبعد من قوله: طلب المعقبِ حقه المظلومُ، وليس بأبعد من وصف اسم لا النافية للجنس بالرفع، وقد أجاز ابن مالك اتباع الوصف للموصوف على المحل مطلقا ظرفا أو غير ظرف، قياسا على المعطوف، وإني وإن كان هذا القياس لا يعجبني لا أجد فيه بأسا إذا كان المجرور ظرفا في الأصل.
أما الإتباع على المحل في العطف فهو كثير، وهو يختلف عن النعت، ذلك أن العطف على نية تكرار العامل، وقد يكون العامل المنوي في المعطوف متعديا بمعنى العامل في المعطوف عليه، وعلى هذا الاعتبار خرج سيبويه نصب (غورا) فقال: "كأنه قال: ويسلكن غوراً غائراً، لأن معنى يذهبن فيه يسلكن"
وأما قياس الوصف على العطف في الإتباع على المحل فبعض النحاة يمنعه، وإنما يجيز الإتباع على المحل في العطف والبدل، ويمنعه في الوصف والتوكيد، وبعضهم يجيزه في الصفة لكن بشرط أن يكون المحل للمتبوع بالأصالة كما في (طلب المعقب حقه المظلوم) فالمعقب في المعنى فاعل والفاعل مرفوع بالأصالة، وكذا اسم لا النافية للجنس أصله مبتدأ والمبتدأ مرفوع بالأصالة، أما الظرف المتصرف مثل (ليال، أيام) فالأصل فيه التصرف لا الانتصاب على الظرفية.
وعلى أية حال ألا ترون ـ أستاذي ـ أن وجهي الحالية والقطع في (طوالا) خاليان من الخلاف ولاسيما أن جملة (وصلت به) تصلح نعتا لتحقق شرط حذف الرابط (حتى على قولكم) لأن الموصوف ظرف، وعليه تكون النكرة مخصصة تصلح صاحبا للحال، وعلى الوجه الآخر تكون (طوالا) صفة ثانية للموصوف المجرور فتصلح للقطع إلى النصب؟
تحياتي ومودتي.
ـ[علي المعشي]ــــــــ[12 - 12 - 2008, 03:24 ص]ـ
أستاذي الكريم د. بهاء الدين حفظه الله
أرجو ألا يفهم من كلامي أني أخطئ ما ذهبتم إليه، ولكن جميع الشواهد التي معنا لحذف العائد المجرور (من جملة صلة الموصول خاصة) قد دخل فيها خافض مطابق للمحذوف على الموصول أو منعوته ظرفا كان أم غير ظرف.
ولكي تقوى وجهة نظركم تحتاج إلى شواهد كافية حُذف فيها العائد المجرور من صلة الموصول دون أن يكون الموصول أو منعوته مخفوضا بمثل خافض العائد المحذوف، ويكون الموصول فيها نعتا لظرف حتى يمكن إسقاط شرط من اشترط خفض الموصول بخافض العائد المحذوف، ومن ثم يمكن عدّ مسألة التوسع في الظرف هي المسوغ الوحيد لحذف العائد المجرور من جملة الصلة كما ترون.
فهل توجد شواهد تعضد ما ذهبتم إليه وتستغني عن شرط النحاة المذكور؟
تحياتي ومودتي.
¥