تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذه ناقةٌ وفصيلُها راتعان

ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[26 - 12 - 2010, 11:13 ص]ـ

هذه ناقةٌ وفصيلُها راتعان

يقول سيبويه: وتقول: هذه ناقةٌ وفصيلُها راتعان.

وتقول: هذه ناقةٌ وفصيلُها راتعين.

وهو الوجه، لأن هذا أكثر في كلامهم، وهو القياس، والوجه الآخر قاله بعض العرب.

يمكن أن نناقش هاتين الجملتين من عدة نواح:

الناحية الأولى: الحكم الذي أطلقه سيبويه حكم سليم، إلا أنه لم يفسر لنا تفسيرا لغويا دقيقا سبب هذا الحكم، بل اعتمد على معيار الكثرة والقلة، وهو معيار غير دقيق، فقد يكون الصحيح غير كثير، فالنحاة قاسوا على الشاهد الواحد واستخرجوا منه حكما نحويا.

الناحية الثانية: جملة"هذه ناقة وفصيلها راتعين"من المستقيم الحسن، حيث ترتبت كلماتها حسب الاحتياج والأهمية المعنوية، فالمبتدأ يحتاج إلى الخبر ثم جاء بالمعطوف ثم بالحال، أما في جملة المستقيم القبيح وهي جملة" هذه ناقةٌ وفصيلُها راتعان"فقد جاء بالمبتدأ ثم بالخبر ثم جاء بالمعطوف وهذا لا غبار عليه، إلا أنه عاد إلى الحديث عن الناقة من جديد، فاصلا بينهما بالمعطوف، ولا حاجة لهذا الفاصل، وكان الأولى أن يواصل الحديث عن الناقة فيقول: هذه ناقة راتعة "ثم يأتي بالمعطوف، وذلك كما قال تعالى"أكلها دائم وظلها، وهذا شبيه بقول من يقول: عميد وأساتذة وطلاب الكلية حاضرون "وهو من المستقيم القبيح، أما المستقيم الحسن فهو"عميد الكلية وأساتذتها وطلابها حاضرون"لأن المضاف يحتاج إلى المضاف إليه بصورة أشد من حاجته للمعطوف.

الناحية الثالثة: وصف سيبويه جملة" هذه ناقة وفصيلها راتعين"بأنها الوجه، وكلمة الوجه تعني الأفضل أو المستقيم الحسن، وهذا يعني أن العرب يراعون مبدأ الاحتياج في كلامهم، وتجاهل هذا المبدأ يؤدي إلى تخفيض درجة جودة الكلام.

الناحية الرابعة: الألفاظ حاملة للمعاني وتترتب في النطق ترتيبها في النفس، بحسب الأهمية، والألفاظ هي الصورة الحسية للمعاني.

الناحية الخامسة: العربي وغير يتمتع بثقافة لغوية أو كفاية لغوية، ثم يتكلم مراقبا نفسه بمبدأ الاحتياج ليكون بعيدا عن القبح أو اللبس أو التناقض.

الناحية السادسة: اللغة العربية الفصحى ليست مستوى واحدا، بل مستويات تعيش جنبا إلى جنب.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير