[ماهو الفرق بين الانبجاس والانفجار في القرآن الكريم؟]
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[03 - 06 - 2007, 08:24 م]ـ
{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} الأعراف/160
{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} البقرة/60
ذكرت الآية 160 من سورة الأعراف المفردة " انبجست " , بينما ذكرت الآية الأخرى من سورة البقرة المفردة " انفجرت", فما هو الفرق في الدلالة بين هاتين المفردتين؟
إن اللفظ القرآني " انفجر " يعبّر عن تدفق الماء من الحجر بشدة، بينما يعبر اللفظ " انبجس " عن تدفق الماء و سيلانه بشكل هادىء.
إنَّ آية سورة الأعراف تتحدث عن المرحلة الاُولى من ظهور الماء، وجريانه بشكل هادىء , بينما تشير الآية في سورة البقرة إلى المرحلة النهائية عندمااشتد جريان الماء.
قال الراغب في المفردات:
" يقال بجس الماء وانبجس: انفجر، لكن الانبجاس أكثر ما يقال فيما يخرج من شيء ضيق، والانفجار يستعمل فيه وفيما يخرج من شيء واسع، ولذلك قال عز وجل: {فانبجست منه اثنتا عشرة عينا} [الأعراف/160]، وقال في موضع آخر: {فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا} [البقرة/60] ..
قال أبو جعفر بن الزبير: إن الواقع في الأعراف طلب بني إسرائيل من موسى عليه السلام السقيا، والوارد في البقرة طلب موسى عليه السلام من ربه، فطلبهم ابتداء فأشبه الابتداء، وطلب موسى غاية لطلبهم لأنه واقع بعده ومرتب عليه، فأشبه الابتداء الابتداء والغاية الغاية، فقيل جوابا لطلبهم فانبجست، وقيل إجابة لطلبه: فانفجرت، وتناسب على ذلك. وقال: الانبجاس: ابتداء الانفجار، والانفجار بعده غاية له. راجع ملاك التأويل 1/ 67 - 68)، قال تعالى: {وفجرنا خلالهما نهرا} [الكهف/33]، وقال: {وفجرنا الأرض عيونا} [القمر/12] ولم يقل: بجسنا. " انتهى.
وقال صاحب الميزان في شرحه للآية المذكورة قي سورة الأعراف:
" الانبجاس هو الانفجار و قيل الانبجاس خروج الماء بقلة، و الانفجار خروجه. "
وقال صاحب المجمع:
" والانفجار الانشقاق والانبجاس أضيق منه فيكون أولاً أنبجاسًا ثم يصير انفجارًا "
وقال الشيخ الطوسي في التبيان, عند شرحه الأية {أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست}:
والانبجاس: خروج الماء الجاري بقلة، والانفجار خروجه بكثرة، فكان يبتدئ بقلة ثم يتسع حتى يصير إلى الكثرة، فلذلك ذكره ها هنا بالانبجاس وفي البقرة بالانفجار ". انتهى.
قال الرازي في مفاتيح الغيب:
" وقوله: {فَانبَجَسَتْ} قال الواحدي: فانبجس الماء وانبجاسه انفجاره. يقال: بجس الماء يبجس وانبجس وتبجس إذا تفجر، هذا قول أهل اللغة، ثم قال: والانبجاس والانفجار سواء، وعلى هذا التقدير فلا تناقض بين الانبجاس المذكور ههنا وبين الانفجار المذكور في سورة البقرة، وقال آخرون: الانبجاس خروج الماء بقلة، والانفجار خروجه بكثرة، وطريق الجمع: أن الماء ابتدأ بالخروج قليلاً، ثم صار كثيرًا، وهذا الفرق مروي عن أبي عمرو بن العلاء. " انتهى ..
لذا نلحظ الدقة القرآنية في استخدام اللفظ, فللفظ القرآني إيحاءاته و ظلاله, فالانبجاس أول خروج الماء, والانفجاراتساعه وكثرته, فالأول- الانبجاس - تعبير عن أول خروجه, والثاني - الانفجار - تعبير عما انتهى إليه.
ـ[الخريف]ــــــــ[07 - 06 - 2007, 02:10 ص]ـ
بارك الله فيك و نفع بك و بعلمك ..
ـ[بندر المتنبي]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 10:16 ص]ـ
جزاك الله كل خير
لقد دخلت اليوم الى المنتدى لكي
اطرح هذا السوال ووجدته جاهزا فجزاك الله خير
ونفع بعلمك وبك, ورزقك الله الاخلاص في القول والعمل
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 10:56 ص]ـ
جزيت خيراً أخي الكريم د. حجي ابراهسم الزويد على ما تمتعنا به من النظرات الثرية والدقيقة في كتاب الله عز وجل، جعلها الله في ميزان حسناتك يوم العرض وأعانك على خدمة كتابه العزيز ولا شك أن في هذه التعبيرات الدقيقة من الحكم ومن الفتوحات العلمية الكثير الكثير وتحتاج من أهل الإختصاص السبر في معانيها لاستخراج تلك العلوم المكنونة.
ـ[محمد سعد]ــــــــ[14 - 06 - 2007, 12:40 م]ـ
بارك الله فيك د. حجي، وهذا ليس مستبعداً من علماء بلد الحرمين. زدنا زادك الله علماً ونفع بك المسلمين