[المحسنات المعنوية من كتاب "جواهر البلاغة]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 02:11 ص]ـ
بعد أن أنهى أخي هيثم شرح المحسنات اللفظية في علم البديع أبدأ بشرح المحسنات المعنوية. أرجو أن ترافقونا وتستمتعوا بهذه الدروس:
"التورية: ما المقصود بالتورية في اللغة؟ التورية لغة: مصدر ورَّيت الخبر تورية: إذا سترته، وأظهرت غيره.
وماذا تعني في الاصطلاح: التورية: أن يطلق لفظ له معنيان: أحدهما قريب غير مراد، والآخر بعيد هو المراد، ويدل عليه بقرينة يغلب أن تكون خفية فيتوهم السامع أنه يريد المعنى القريب، وهو يريد المعنى البعيد.
مثال قول الله تعالى: وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتُم بالنهار" أراد بقوله " جرحتم" معناه البعيد وهو ارتكاب الذنوب، ولأجل هذا سميت التورية.
ومثل آخر: قال سراج الدين الوراق:
أصون أديم وجهي عن أناس= لقاء الموت عندهم الأديب
وربُّ الشعر عندهم بغيض= ولو وافى به لهم " حبيب"
القريب غير المقصود هو " الحبيب" والبعيد المقصود" حبيب بن أوس " أبو تمام" و
من التورية قول نصير الدين الحمامي:
أبيات شعرك كالقصور= ولا قصور بها يعوق
ومن العجائب لفظها= حرٌ ومعناها "رقيق"
فلكلمة (رقيق) معنيان: الاول قريب متبادر وهو" العبد المملوك" وسبب تبادره إلى الذهن ما سبقه من كلمة" حر" والثاني: بعيد وهو "اللطيف السهل" أو الشفاف، وهذا هو المعنى الذي يريده الشاعر بعد أن ستره في ظل المعنى القريب.
وأنت تلحظ أن التورية تضفي على المعنى غموضاً لا يصل حدَّ الإبهام؛ إذ فيها ظاهرة الخفاء والتجلي التي تثير ذهنية المتلقي للنص الأدبي.
تمرين (1): بيِّن التورية فيما يلي:
أقول وقد شنُّوا إلى الحرب غارة=دعوني فإني آكل الخبز بالجُبْنِ
وخلطتم بعض القُراِ ببعضه= فجعلتم الشعراء في الأنعام
تمرين (2) بين المعنى المقصود في كل كلمة تحتها خط في ما يأتي:
لحظت من وجنتها شامة= فابتسمتْ تعجب من حالي
قالت: قفوا واستمعوا ما جرى= قد هام عمي الشيخ في خالي
بروحي جيرة أبقوا دموعي= وقد رحلوا بقلبي واصطباري
كأنما للمجاورة اقتسمنا= فقلبي جارهم والمع جاري
وإلى اللقاء مع درس " الطباق "
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 11:37 ص]ـ
السلام عليكم
بوركت أستاذ محمد، واصل بارك الله فيك وتم ما أردت من تغيير العنوان
فى انتظار الدرس القادم
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 01:00 م]ـ
بوركت أخي محمد على هذا التطواف في عالم التورية، وهذا الرابط فيه بعض المشاركات في نفس الموضوع والتي أظنها تثريه فقط لاغير!!!
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=12287
ـ[أبو أسيد]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 01:33 م]ـ
جزيت خيرا محمد سعد أيها الفصيح العزيز
هل في كلمة العزيز تورية:)
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 01:56 م]ـ
أكيد أخي أبا أسيد. المعنى القريب غير المراد: النادر والمعنى البعيد المقصود: من العزة
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 02:14 م]ـ
وفقك الله أخي الشمالي وهذه من صفات العلماء. وأنت تعرف أن الموضوع يكتب بشكل مبسط، وليس من قبيل التوسع. كل الشكر لك والمحبة لشخصك الكريم
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 02:19 م]ـ
بارك الله فيك أستاذ محمد وجزيت على ذلك خيرا.
ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 02:20 م]ـ
اسمحوا لنا بطرفة حدثت ما بين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم."وهي فيها تورية"
قال حافظ:
يقولون أن الشوق نار ولوعة ... فمابال (شوقي) أصبح اليوم بارد.
ففي كلمة "شوقي"التورية
فرد عليه أحمد شوقي:
أودعت إنسانا وكلبا أمانة ***** فضيعها الإنسان (والكلب حافظ)
فكل منهما اتخذ التورية سلاحا ضد صاحبه
ـ[محمد سعد]ــــــــ[10 - 08 - 2007, 02:24 م]ـ
دائماً مبدعة لا تتركين فرصة للتعليق إلا وتأتي بها، اشكرك على ما قلت
ـ[محمد سعد]ــــــــ[11 - 08 - 2007, 12:04 ص]ـ
الطباق
الطباق: هو الجمع بين لفظين مقايلين في المعنى، كقوله تعالى: " هو الأول والآخر والظاهر والباطن" اشتملت كلمات الآية على الشيء وضده في المعنى، فـ (الأول) ضد (الآخر) و (الظاهر) ضد (الباطن) وقد وقع بين اسمين.
وقد يقع الطباق بين فعلين: قال تعالى: " وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا "
أو بين حرفين كقوله تعالى: " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف"
فاطباق واضح بين بين " لهن وعليهن"
وقد يقع الطباق بين مختلفين، أي بين لفظين من نوعين (الاسم والفعل) قال تعالى: " أومن كان ميتاً فأحييناه"
وقول المعري:
فيا موت زر إنَّ الحياة ذميمة ...... ويا نفس جدّي إن دهرك هازل
فيكون تقابل المعنيين وتخالفها مما يزيد الكلام حسناً وطرافة
والطباق على ضربين هما:
الأول: طباق الايجاب: وهو ما كان تقابل المعنيين بالتضاد، وهو طباق مباشر لا تستخدم في أدوات ووسائط لغوية. نحو قوله تعالى: " قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء"
ومنه قول الشاعر:
حلو الشمائل وهو مر باسل ..... يحمي الذمار صبيحة الإرهاق
الثاني: صباق السلب: وهو أن يجتمع بين فعلي مصدر واحد أحدهما مثبت والآخر منفي مثل قوله تعالى: " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" أو أحدهما أمر والآخر نهي كقوله تعالى: " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا دونه أولياء".
تدريب: بين موطن الطباق فيما يلي:
1 - قال تعالى: " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان"
2 - وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود"
3 - قال عليه السلام: " اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت"
¥