[الوصل " علم المعاني "]
ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 07 - 2007, 12:03 م]ـ
مقامات الوصل
للوصل مقامان: أولهما دفع الإيهام، كما روى أن هارون الرشيد سأل وزيره عن شيء فقال: لا وأيدك الله، وقد قال الصاحب بن عباد: هذه الواو أحسن من الواوات في خدود الملاح، ووجه حسنها أنه بدونها يكون ظاهر الكلام أنه دعاء على المخاطب لا دعاء له، ومن الممكن دفع هذا التوهم بالسكوت بعد لا، ولكنه لا يغني في هذا غناءها، ولا يكون له حسنها، والجملة الأولى في هذا المثال خبرية والثانية إنشائية، وقد تكون الجملتان في ذلك خبريتين، كما تقول لمن سألك: هل تصاحب زيداً؟ (لا قد تركت صحبته) وثانيهما: أن يكون بين الجملتين جامع خاص غير اتفقاهما في الغرض العام الذي يساق له الكلام، بشرط ألا يمنع من الوصل مانع. وهذا الجامع يكون إما بوجود اتحاد بين الجملتين في المسند إليه أو المسند أو قيد من قيودهما، وإما بوجود تماثل بينهما في ذلك بالاتفاق في وصف أخوة أو صداقة. وإما بوجود تضايف بينهما في ذلك كالأبوة مع البنوة، والعلو مع السفل. وإما بوجود شبه تماثل بينهما في ذلك كلوني بياض وصفرة، وإما بوجود تضاد بينهما في ذلك أو شبه تضاد كالسواد والبياض والأرض والسماء، وإما بوجود تقارن بينهما في الخيال لسبب من الأسباب. ومن الوصل لاتحاد الجملتين في الإسناد قول حافظ إبراهيم:
قم ابن مصر فأنت حر واستعد= مجد الجدود ولا تعد لمراح
ومنها قول شوقي:
يا فتية النيل السعيد خذوا المدى= واستأنفوا نفس الجهاد مديدا وقول الآخر:
اخط مع الدهر إذا ما خطا= واجر مع الدهر كما يجري
ومن الوصل للتماثل بالاتفاق في الأخوة قوله تعالى: " ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إنَّ ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين"
وقول الشاعر:
بنونا أبنائنا وبناتنا= بنوهنَّ أبناء الرجال الأباعد
ومن الوصل للتضايف قول الشاعر:
بادر إلى الفرصة وانهض لما= تريد فيها فهي لا تلبث
فإن المبادرة إلى الفرصة والنهوض إلى المراد متلازمان في التعقل وكذلك قوله تعالى: " إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى"
ومن الوصل لشبه التماثل قول الصاحب بن عباد:
رق الزجاج وراقت الخمر= فتشابها فتشاكل الأمر
فكأنما خمر ولا قدح= وكأنما قدح ولا خمر
ومن الوصل للتضاد قول الشاعر:
المرء يأمل أن يعيـ= ــش وطول عيش المرء قد يضره
تفنى بشاشته ويبـ= ــقى بعد حلو العيش مره
ومن الوصل للجامع الخيالي قول الأرجاني:
فبت من وصلك في لذة= حتى جلا الصبح محياه
والنجم قد أطبق أجفانه= والنوم قد أطلق أسرا
والليل سيف الفجر في فرقه= يقتله والديك ينعاه
ومما يزيد به الوصل حسناً في هذا كله اتفاق الجملتين في الاسمية والفعلية ولا يكون هذا إلا إذا كان المقصود من كل منهما الثبوت أو التجدد، وإلا وجب اختلافهما في ذلك ومن اتفاقهما فيه قول الشاعر:
أسودٌ إذا ما أبدت الحرب نابها= وفي سائر الدهر الغيوث المواطروقول الآخر:
أعطيت حتى تركت الريح حاسرة= وجدت حتى كأن الغيث لم يجد
ومثل هذا تناسبهما في الإطلاق والتقييد، والتناسب في الإطلاق كثير ومن التناسب في التقييد قول الشاعر:
دنوت تواضعاً وعلوت مجداً= فشأناك انحدار وارتفاع
وقول الآخر:
تنام عيني وعين الليل ساهرة= وتستحيل وصبغ الليل لم يحل.
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[18 - 07 - 2007, 02:20 م]ـ
بوركت
إذن أين الفصل؟
فهما متلازمان الوصل والفصل
ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 07 - 2007, 02:35 م]ـ
تكرم بعد الاستراحة، لأني ضعيف في الطباعة ونظري على قد الحال اعذرني
ـ[محمد سعد]ــــــــ[18 - 07 - 2007, 03:53 م]ـ
مقامات الفصل:
أولها: ألا يكون بين الجملتين جامع مما سبق، مثل قول أبي العتاهية:
الفقر فيما جاوز الكفافا= من اتَّقى الله رجا وخافا
فالجملتان هنا متفقتان في الغرض العام الذي جمع بينهما في الكلام، وهو مما يجب مراعاته في الكلام حتى في مقام الفصل، ولكنهما لم يوجد بينهما ارتباط بين المسند إليه أو المسند أو قيد من قيودهما على ما سبق، ففصل بينهما لهذا مع اتفاقهما في أن كلاً منهما حكمه من الحكم المسرود في هذه المزدوجة ومنها في ذلك أيضاً:
يغنيك عن كل قبيح تركه= يرتهن الرأي الأصيل شكه
¥