تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تأملات في قصة إبراهيم عليه السلام- سورة مريم]

ـ[قبة الديباج]ــــــــ[26 - 07 - 2007, 04:52 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحابته، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد ..

فهذه محاولة تأملية في قصص القرآن: قصة خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام-، تهدف إلى جولة سريعة في آفاق القصة القرآنية، تلك الآفاق الرحبة التي حوت مناحٍ شتى في حياة الإنسان وعلومها، واكتنفتها في قالب يعد الإيجاز أبرز ملامحه، ويقوم تصاعد الصراع فيه على أساس القيم والأفكار والأخلاق.

وقصة إبراهيم -عليه السلام- قصة ذات أحداث ومشاهد متعددة، عرضت مفرقة على السور القرآنية، عمادها {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً}، أمة في عقيدته ومنهجه، و {لقد كانت لكم أسوة في إبراهيم والذين معه}، وفي كل حدث ومشهد منها تبرز لقطات تستدعيها المناسبة، سواء أكانت المناسبة مناسبة ورودها في سياق السورة القرآنية، أو مناسبة نزولها على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، كما تأتلف هذه الأحداث ائتلافاً لا يسعه تنافرٌ أو اختلاف، ولو تكرر العرض.

وأولى هذه المحاولات محاولة تأملية في قصة إبراهيم -عليه السلام- مع أبيه في سورة مريم.

كتبته: قبة الديباج

:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:

** قصة إبراهيم -عليه السلام- مع أبيه:

قال تعالى: {وَ?ذْكُرْ فِى ?لْكِتَـ?بِ إِبْرَ?هِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً * إِذْ قَالَ لاًّبِيهِ ي?أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً * ي?أَبَتِ إِنِّى قَدْ جَآءَنِى مِنَ ?لْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَ?تَّبِعْنِى? أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً * ي?أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ?لشَّيْطَـ?نَ إِنَّ ?لشَّيْطَـ?نَ كَانَ لِلرَّحْمَـ?نِ عَصِيّاً * ي?أَبَتِ إِنِّى? أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ ?لرَّحْمَـ?نِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَـ?نِ وَلِيّاً * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِى ي?إِبْرَ?هِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَ?هْجُرْنِى مَلِيّاً * قَالَ سَلَـ?مٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي? إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيّاً * وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ?للَّهِ وَأَدْعُو رَبِّى عَسَى? أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّى شَقِيًّا * فَلَمَّا ?عْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ?للَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـ?قَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً * وَوَهَبْنَا لَهْمْ مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً} [مريم:41 - 50].

:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:.:

** المناسبة بين القصة والمحور العام للسورة:

نزلت فيما نزل من القرآن المكي، لغرض تقرير التوحيد، وتثبيت عقيدة الإيمان، وبيان سبيل المهتدين، وسبيل الضالين. وجاءت في ثنايا سورة تعرض نماذج عائلات ربانية، سواء في قصة زكريا ويحي، أو قصة مريم وعيسى- عليهم السلام-، أو قصة إبراهيم -عليه السلام- وأبيه، بل حتى في عرضها السريع للأنبياء عليهم السلام، نجد هذا الجانب قائماً متمثلاً، لترسم لنا طريقاً من طرق الدعوة، طريق تتجلى فيه أولوية النصيحة لأولوية القرابة، ويبرز فيه كيفية أدائها، لتثمر وتؤتي أكلها بإذن ربها.

وسورة مريم في حديثها عن الرسل الكرام، تكشف عن محورها الدعوي القائم على الرحم والقربى، حتى إنه ليبدو فيها تكرار ذكر"الولد"، و"الوراثة"، وهما من السمات الجلية في صفحة القرابة، وفيها يسوق الله -جل جلاله- الحق بقوله: {إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون}، لتقرر أن الوارثة الباقية، والعلاقة الوشيجة، هي التي لا يفينها فناء الدنيا، فلها دوام وخلود.

وترد قصة إبراهيم-عليه السلام- مع أبيه، في حدث يقوم على الحوار، حوار يرقى على درجات من الإقناع والتواصل الوجداني، ولكن: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً}، ومع ذلك {إني لا أضيعُ عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى}، لذلك فالنتيجة الحتمية التي يفضي إليها هي الخيرية المطلقة، وإحدى صورها {وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلاًّ جعلنا نبيّاً}، صورة يؤطرها أيضاً الرحم والقربى، فبر الآباء، سبباً في بر الأبناء وصلاحهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير