تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفي ضوء ما تقدم من كشف وممارسة، فقد لمسنا في مجموعة التركيبة اللفظية للقرآن الكريم لغة اجتماعية ذات طابع دلالي خاص، تستمد نشاطها البنائي من بنيات بلاغية متجانسة حتى عادت لغة مسيطرة في عمقها الدلالي لدى عامة الناس في الفهم الأولي، وعند خاصة العلماء في المعاني الثانوية، وتوافر حضورها في الذهن العربي المجرد حضوراً تكاملياً، بعيداً عن الإبهام، والغموض والمعميات ولا مجال للألغاز في تصرفاتها ولا أرضية للمخلّفات الجاهلية في ثروتها، تبتعد عن الوحشي الغريب، وتقترب من السهل الممتنع ذلك من خلال التعامل اللغوي الموجه للفرد والأمة مما فرز حالة حضارية متميزة تعنى بالجهد الفني تلبية للحاجة الإنسانية الضرورية في التقاء الفكر بالواقع واللغة بالعاطفة والشكل بالمحتوى دون تعقيد ثقافي يجر إلى تكوينات متنافرة.

وعلى الرغم من توقف جملة من علمائنا الأوائل عن الخوض في حديث المداليل في القرآن الكريم، فإن القرآن يبقى ذا دلالة أصلية، وما معاملتهم له إلا دليل تورع وتحرج عن الفتوى بغير مراد الدلالة حتى وإن أدركوها إجمالاً.

كان الأصمعي ـ وهو إمام أهل اللغة ـ لا يفسر شيئاً من غريب القرآن وحكي عنه أنه سئل عن قوله سبحانه: (قد شغفها حبّاً ... ) (1) فسكت و قال: هذا في القرآن ثم ذكر قولاً لبعض العرب في جاريةٍ لقوم أرادوا بيعها:


(1) سورة يوسف: 30.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير