تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد يوجد الجامع بين الجملتين ولكن يفصل بينهما لاختلاف سياق الكلام كقوله تعالى: " الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون، أولئك على هدًى من ربهم وأولئك هم المفلحون، إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون" فلم يعطف قصة الكافرين على قصة المؤمنين مع وجود الجامع وهو التضاد؛ لأن هذا الكلام مسوق لبيان حال الكتاب قصدًا، وذكر حال المؤمنين ليس مقصودًا على سبيل الأصالة.

ثانيهما: أن تكون الجملة الثانية جواباً عن سؤال اقتضته الأولى، فتفصل الثانية عن الأولى كما يفصل الجواب عن السؤال ولكنه لا يُصار إلى تنزيل السؤال المفهوم من الكلام السابق إلا لاعتبارات لطيفة، منها إغناء السامع عن أن يسأل، ومنها القصد إلى الإيجاز ونحو هذا، وتسمى الجملة الثانية فذ هذا الضرب من الفصل استثناء، وقد يسمى الفصل نفسه بهذا أيضاً. والسؤال الذي تتضمنه الجملة الأولى إما أن يكون عن سبب عام كما في قول الشاعر:

قال لي كيف أنت؟ قلت عليل = سهر دائم وحزن طويل

كأنه قيل: ما بالك عليلا أو ما سبب علتك؟ ومثله قول أبي العلاء:

وقد غرضت من الدنيا فهل زمني= معط حياتي لغر بعد ما غرضا

جربت دهري وأهليه فما تركت= لي التجارب في ود أمريء غرضا

كأنه قيل: ما بالك غرضت؟ أو ما سبب ضجرك؟

وأما عن سبب خاص مثل قوله تعالى: " وما أبريء نفسي إنَّ النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم" كأنه قيل هل النفس أمارة بالسوء؟ فقيل نعم إنها أمارة بالسوء، وهذا الضرب يقتضي تأكيد الحكم كما سبق في الكلام على التأكيد.

وإما عن غيرهما كما في قوله تعالى: " ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاماً قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ " كأنه قيل، فماذا قال إبراهيم في رد سلامهم؟ ومن هذا قول الشاعر:

زعم العواذل أنني في غمرة= صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي

كأنه قيل: فهل صدقوا في هذا أم كذبوا؟

وقد يحذف صدر الاستئناف كما في قوله تعالى: " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار" على قراءة " يسبَّح " بالبناء للمجهول، كأنه قيل: من يسبحه؟ فقيل: يسبحه رجال.

وقد يحذف الاستئناف كله ويقوم ما يدل عليه مقامه، كما في قول مساور بن هند:

زعمتم أن إخوتكم قريش= لهم إلف وليس لكم إلاف

كأنه قيل: فهل صدقوا في هذا أم كذبوا؟ فقيل: كذبوا لأن لقريش إلفا وليس لهؤلاء الزاعمين إلف مثلهم.

ثالثها: دفع الإيهام كما في قول الشاعر:

وتظن سلمى أنني أبغي بها= بدلا أراها في الضلال تهيم

فلم يعطف قوله" أراها" على قوله " تظن " لئلا يتوهم أنه معطوف على قوله: أبغي فيكون من مظنونها مع أنه ليس منه، ومن هذا قوله تعالى: " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا على شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون" فلم يعطف قوله " الله يستهزئ بهم " على جملة الشرط وجوابه لئلا يتوهم عطفه على جملة " قالوا" أو جملة" إنا معكم" وكلاهما لا يصح

ـ[هيثم محمد]ــــــــ[19 - 07 - 2007, 12:57 ص]ـ

بوركت

ـ[شموع الأمل]ــــــــ[19 - 07 - 2007, 01:32 ص]ـ

جزاك الله خيراً

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[19 - 07 - 2007, 08:40 ص]ـ

:::

أحسنت , بارك الله فيك. وباب الفصل والوصل من أدقّ أبواب البلاغة؛ حتى قيل: البلاغة معرفة الوصل والفصل!

وهذا الباب في القرآن الكريم جليل , وله في كلام الفصحاء شواهد تدلّ على حذقهم وبراعتهم في تمييز مواضع الاتصال والانفصال!

ـ[محمد سعد]ــــــــ[26 - 07 - 2007, 12:31 ص]ـ

جوزيتم خيراً على مروركم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير