من أمثلة البيان القرآني:
ولقد قال الله سبحانه في كتابه: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم} (الإسراء/31) وقال أيضاً في مقام آخر: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم} (الأنعام/151) فلما ذكر الخوف من الفقر مستقبلاً (خشية إملاق) ولم يذكر وقوعه فعلا، ً قدم رزق الأولاد على آبائهم، من حيث إن الله سبحانه قد رزق الآباء حالياً، لكنهم يخشون الفقر إذا كثر أولادهم، ولما ذكر في الآية الأخرى وقوع الفقر (من إملاق) دعاهم إلى عدم قتل أولادهم، وقدم سبحانه رزقه لهم على رزق أولادهم، حيث يُخشى قتلهم أولادهم لقلة رزقهم الحالي.
ومثل هذا يعد من أرفع أنواع البيان الذي تميز به القرآن فيما خاطب به العرب من بني الإنسان ...
ومن هذا القبيل استخدام الاستعارة والكناية والتشبيه والتمثيل وغير ذلك.
3 ـ علم البديع:
وهو يشبه بالنسبة للبلاغة العربية كل ما يستخدمه الناس لتجميل أشيائهم تجميلاً ظاهرياً، يلفت الأنظار، ويحرك الأفكار، ويثير الإعجاب، ويطرب الألباب.
تعريف البديع:
وهو علم تُعرف به وجوهُُ تفيد الحسن في الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال، أوهو التحسين والتزيين العرضي بعد تكميل دائرة الفصاحة والبلاغة.
ومن هذا العلم استخدام السجع، وهو نهاية كل جملة على حرف أو حرفين متطابقين، كقول الأعرابي عندما سئل عن دليل وجود الله فقال: البعرة تدل على البعير، وأثر الأقدام يدل على المسير، أَفَسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج ألا تدلان على الحكيم الخبير.
ومن هذا العلم أيضاً استخدام الطباق والجناس كقولك: تآلف المؤتلف، وتخالف المختلف، وتشابه المتشابه، وتعارض المتعارض ...
قال التهانوي في (كشاف اصطلاحات الفنون): وأما منفعته فإظهار رونق الكلام، حتى يلج الآذان بغير إذن، ويتعلق بالقلب من غير كد، وإنما دونوا هذا العلم، لأن الأصل وإن كان الحسنَ الذاتي، وكان المعاني والبيان مما لا يكفي في تحصيله، لكنهم اعتنوا بشأن الحُسْن العرضي أيضاً، لأن الحسناء إذا عَريت عن المزينات، ربما يذهل بعض القاصرين عن تتبع محاسنها، فيفوت التمتع بها.
ولاشك أن علوم البلاغة الثلاثة لا تنال بمجرد معرفة الاسم، أو مطالعة المبادئ، وإنما لابد للمرء من دراسة مستفيضة، واستماع عميق، ومعايشة ومعاشرة لكتب الأدب وخزائن العربية.
القرآن الكريم كتاب البلاغة الأم:
وليس ثمة أنفع للإنسان من دراسة القرآن الكريم دراسة لغوية بلاغية، لتحصيل علوم البلاغة، بل وعلوم العربية كلها، فضلاً عن الهداية والاسترشاد اللذين هما مقصودا القرآن الأول.
واستمع إلى قوله سبحانه: {وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء، وقضي الأمر، واستوت على الجود وقيل بعداً للقوم الظالمين} (هود/44) ثم انظر إلى الآية كيف حوت: أمرين، وخبرين، وبشارة، ودعاء.
أو أجل فكرك في قوله سبحانه: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون} (النحل/90) كيف جمعت الأمر بكل خير الدنيا والآخرة، على المستوى الفردي والجماعي ونهت عن كل الشرور الدينية والدنيوية، ثم ختمت ذلك بالتذكير ترغيبا وترهيبا.
كتب البلاغة:
قال السيد أحمد الهاشمي في كتابه (جواهر الأدب): وأول كتاب دون في علم البيان كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة تلميذ الخليل، ثم تبعه العلماء.
ولا يعلم أول من ألف المعاني بالضبط، وإنما أُثِر فيها كلام عن البلغاء، وأشهرهم الجاحظ في (إعجاز القرآن) وغيره.
وأول من دون كتباً في علم البديع ابن المعتز وقدامة بن جعفر ...
وبقيت هذه العلوم تتكامل ويزيد فيها العلماء حتى جاء فحل البلاغة: عبد القاهر الجرجاني فألف في المعاني كتابه (إعجاز القرآن) وفي البيان كتابه (أسرار البلاغة) وجاء بعده السكاكي فألف كتابه العظيم (مفتاح العلوم).
لأي استفسار تفضلوا في إحدى التاليين:-
1* http://auh.itep.ae/waleedel/
2*[email protected]
:;allh:;allh:;allh:;allh:;allh:;allh:;allh:;allh
ـ[هيثم محمد]ــــــــ[05 - 08 - 2007, 12:25 ص]ـ
بوركت أخي وليد ونتمنى منك طرح المزيد من المشاركات
دمت فاعلا