تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يذل بألوان العذاب و يهان ثم يقال له: (ذق إنك أنت العزيز الكريم) أي من كنت كذلك في الدنيا, فهذا مجاز مرسل علاقته ما كان وسر جماله .. تبكيت ذلك الجبار المتغطرس والاستهزاء به وإيلامه عند تذكر ما كان عليه في الدنيا من عز وكرامة فتتملكه الحسرة .. قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) , ذكرت لفظة (ويذرون أزواجاً) رغم أنها ليست زوجة بعد وفاة الزوج لأنها لو كانت زوجة لحرم عليها التزوج بعد موت الزوج ولو تزوجت لكانت قد جمعت بين زوجين ولكن الآية آثرت لفظ (أزواجاً) لحث هذه المرأة على التربص للعدة أربعة أشهر وعشرا فإنها كانت منذ وقت قصير زوجة لذلك الميت فلا يحق لها أن تنسى ذلك وتتزوج قبل مضي العدة فلفظة (أزواجا) تذكير للمرأة بزوجها السابق حتى لا تتعجل وتترك حقه في العدة والحداد عليه.

5. اعتبار ما سيكون: أي التعبير بالمستقبل عن الحاضر .. قال تعالى: (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) , لقد بشر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام بغلام ووصفه في حال البشارة بما يؤول إليه في المستقبل وهو العلم .. والسر في هذا المجاز المرسل .. لكي تتم البشارة والفرحة أي قد جمع له في البشرى بالولد وأنه سيكون عالماً.

6. العلاقة المحلية: أي يذكر المحل ويريد الحال .. قال تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) , حيث ذكر المحل (القرية) وأراد الحال (سكان القرية) ثم ذكر المحل (العير) وأراد (الحال) ركاب العير على سبيل المجاز المرسل الذي علاقته المحلية .. وسر جمال هذا المجاز المرسل الاختصار لأن العرب تجنح إلى الإيجاز وتعتبره من قمة البلاغة فما دام السياق يفهم من غير لفظة ما فالأحسن إسقاطها وعدم ذكرها ويسمى هذا الإيجاز إيجاز الحذف.

7. الحالية: حيث يذكر الحال ويريد المحل .. قال تعالى: (فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) , حيث ذكر رحمة الله وهي (الحال) وأراد الجنة وهي (المحل) , فهذا مجاز مرسل علاقته الحالية ولعل سر جمال هذا المجاز أن تذكر الجنة موصوفة بهذه الصفات الجميلة المشوقة فهي بلا شك أبلغ من أن يقال: (هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) لأنها هاهنا لم تصف بأي صفة مشوقة.

8. العلاقة مشارفة وقوعه ومقاربته: أي يذكر الفعل ويراد مشارفته ومقاربته وإرادته قال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) , أي وإذا طلقتم النساء فقاربن بلوغ الأجل فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن, فهذا مجاز مرسل علاقته مشارفة وقوع الحدث .. ولعل سر جماله الإيجاز فبدلاً من أن يقول: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ) , حدث إيجاز حذف وهو نوع من البلاغة تستحسنه العرب.

ـ[سيبويه العرب]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 12:23 ص]ـ

جزاك الله خيرا بما علمتنا استاذنا

ـ[عنقود الزواهر]ــــــــ[20 - 08 - 2007, 10:58 ص]ـ

:::

أشكرك أخي الفاضل، على ما تبذله من تيسير وبيان.

قولك: " تقوم العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي على علاقات كثيرة متنوعة".

ذكر الصبان في رسالته البيانية أن عدد علاقات المجاز المرسل، على التحقيق: تسعة عشر علاقة، ثم سردها، مع الأمثلة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير