تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وذلك، أيضا، مئنة من اطراد حكمة الشارع، عز وجل، في تقرير الأحكام، إذ قطع أسباب النزاع المفضية إلى قطع الأرحام، إذ الزواج مظنة التشاح، ووقوع المشاحة بين الأختين نقض لعرى الرحم الوثيقة بينهما، فنظر الشارع، عز وجل، إلى البعد النفسي الفطري الذي طبعت عليه النساء، فالغيرة فيهن جبلة، والغيرة مظنة وقوع النزاع كما يقع بين أغلب الضرات، إلا من رحم الله، فذلك نادر لا اعتبار له، فالذي فطر وأبدع، هو الذي حكم شرع، فجاء حكمه الشرعي ملائما لحكمه الكوني، بخلاف أحكام غيره، فلم يخلقوا، ولم يعلموا من باب أولى، إذ الخلق لا يكون إلا بعلم سابق، ولا حكمة مطردة لهم، فما يعقد اليوم ينقض غدا، ولذلك كانت أحكامهم مضادة للعقل بل الفطرة في كثير من الأحيان برسم: "الحرية والديمقراطية"! التي جوزت دساتيرها الفواحش المنافية للفطر فضلا عن مخالفتها ما تقرر من أحكام النبوات الهادية.

وبذات العلة الفطرية: نهى الشارع، عز وجل، عن نكاح المرأة على عمتها، والمرأة على خالتها، ومن طرد العلة في غير المنصوص عليه ذهب إلى عدم جواز نكاح المرأة على بنت عمها، والمرأة على بنت خالها .......... إلخ من صور الجمع بين القريبات لئلا يقع بينهن من التشاحن ما يقطع الرحم ويفسد الحياة، والراجح حل تلك الصور غير المنصوص على حكمها، وإن كان الأولى سد ذرائع ما يقطع الأرحام.

وتلك من صور العموم المعنوي الذي اهتم كثير من المحققين، كابن تيمية والشاطبي، رحمهما الله، بتقريره، خلافا لمن قصر العموم على الألفاظ والمباني، إذ عموم المعنى مظنة شمول الحكم صورا أكثر، وذلك مئنة من سعة الشريعة الجامعة.

وقد وضع الفقهاء لذلك ضابطا لطيفا فقالوا: "لا يجوز الجمع بين امرأتين لو كان أحدهما رجلا لحرم عليه نكاح الأخرى".

فلو كانت إحدى الأختين في صورة الجمع بينهما: رجلا لحرم عليه نكاح أخته، ولو كانت المرأة في صورة نكاح المرأة على عمتها: رجلا لحرم عليها نكاح عمته، ولو كانت العمة: رجلا لحرم عليه نكاح بنت أخيه.

إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ: إذ لا تكليف إلا بعد بلوغ الحجة كما تقدم.

إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا: تذييل يلائم السياق، تهدئة لخاطر من جمع بين أختين على البراءة الأصلية قبل ورود ما يرفعها. فمن وقع في محظور، ولو جاهلا، مفتقر إلى مغفرة الله، عز وجل، ورحمته، فكيف بمن وقع متعمدا؟!، والخلق كلهم، مؤمنهم وكافرهم، طائعهم وعاصيهم، مفتقرون إلى مغفرته، ورحمته العامة التي بها يمدهم بأسباب البقاء، فضلا منه، تبارك وتعالى، ونعمة، رحمة: الرحمن، ورحمته الخاصة التي بها ينجو المؤمن في دار الجزاء ولا يكون ذلك إلا بالسير على طريق الهدى والثبات عليه في دار الابتلاء، وتلك أعظم صور رحمة الله، عز وجل، بعباده المؤمنين رحمة: الرحيم.

والله أعلى وأعلم.

ـ[خلود عبد المجيد]ــــــــ[19 - 06 - 2009, 10:32 م]ـ

جزاك الله خيرا،موضوع قيم وطرحه كان راقيا، فهذا من المواضيع المتكررة دائما في ساحة الموضوعات الاسلامية ولكنك عرضته من نواح مختلفةغير تقليدية؛ فشكرا لك.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير