تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَغَيْره - إِنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَة التَّوْبِيخ لِمَنْ قَالَ: أَتَجْعَلُ فِيهَا , وَإِظْهَار لِمَا سَبَقَ فِي مَعْلُومه إِذْ قَالَ لَهُمْ: " إِنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ ". قَوْله: " مَنْ يُفْسِد فِيهَا " " مَنْ " فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الْمَفْعُول بِتَجْعَل وَالْمَفْعُول الثَّانِي يَقُوم مَقَامه " فِيهَا ". " يُفْسِد " عَلَى اللَّفْظ , وَيَجُوز فِي غَيْر الْقُرْآن يُفْسِدُونَ عَلَى الْمَعْنَى. وَفِي التَّنْزِيل: " وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِع إِلَيْك " [الْأَنْعَام: 25] عَلَى اللَّفْظ , " وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ " عَلَى الْمَعْنَى.

وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ

عَطْف عَلَيْهِ , وَيَجُوز فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَرَوَى أُسَيْد عَنْ الْأَعْرَج أَنَّهُ قَرَأَ: " وَيَسْفِك الدِّمَاء " بِالنَّصْبِ , يَجْعَلهُ جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْوَاوِ كَمَا قَالَ: أَلَمْ أَكُ جَاركُمْ وَتَكُون بَيْنِي وَبَيْنكُمْ الْمَوَدَّة وَالْإِخَاء وَالسَّفْك: الصَّبّ. سَفَكْت الدَّم أَسْفِكهُ سَفْكًا: صَبَبْته , وَكَذَلِكَ الدَّمْع , حَكَاهُ اِبْن فَارِس وَالْجَوْهَرِيّ. وَالسَّفَّاك: السَّفَّاح , وَهُوَ الْقَادِر عَلَى الْكَلَام. قَالَ الْمَهْدَوِيّ: وَلَا يُسْتَعْمَل السَّفْك إِلَّا فِي الدَّم , وَقَدْ يُسْتَعْمَل فِي نَثْر الْكَلَام يُقَال سَفَكَ الْكَلَام إِذَا نَثَرَهُ. وَوَاحِد الدِّمَاء دَم , مَحْذُوف اللَّام. وَقِيلَ: أَصْله دَمِي. وَقِيلَ دَمِي , وَلَا يَكُون اِسْم عَلَى حَرْفَيْنِ إِلَّا وَقَدْ حُذِفَ مِنْهُ , وَالْمَحْذُوف مِنْهُ يَاء وَقَدْ نُطِقَ بِهِ عَلَى الْأَصْل , قَالَ الشَّاعِر: فَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَر ذُبِحْنَا جَرَى الدَّميَانِ بِالْخَبَرِ الْيَقِين

وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ

أَيْ نُنَزِّهك عَمَّا لَا يَلِيق بِصِفَاتِك. وَالتَّسْبِيح فِي كَلَامهمْ التَّنْزِيه مِنْ السُّوء عَلَى وَجْه التَّعْظِيم , وَمِنْهُ قَوْل أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة: أَقُول لَمَّا جَاءَنِي فَخْره سُبْحَان مِنْ عَلْقَمَة الْفَاخِر أَيْ بَرَاءَة مِنْ عَلْقَمَة. وَرَوَى طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه قَالَ: سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَفْسِير سُبْحَان اللَّه فَقَالَ: (هُوَ تَنْزِيه اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلّ سُوء). وَهُوَ مُشْتَقّ مِنْ السَّبْح وَهُوَ الْجَرْي وَالذَّهَاب , قَالَ اللَّه تَعَالَى: " إِنَّ لَك فِي النَّهَار سَبْحًا طَوِيلًا " [الْمُزَّمِّل: 7] فَالْمُسَبِّح جَارٍ فِي تَنْزِيه اللَّه تَعَالَى وَتَبْرِئَته مِنْ السُّوء. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام فِي " نَحْنُ " , وَلَا يَجُوز إِدْغَام النُّون فِي النُّون لِئَلَّا يَلْتَقِي سَاكِنَانِ. مَسْأَلَة: وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَسْبِيح الْمَلَائِكَة , فَقَالَ اِبْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس: تَسْبِيحهمْ صَلَاتهمْ , وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى: " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ " [الصَّافَّات: 143] أَيْ الْمُصَلِّينَ. وَقِيلَ: تَسْبِيحهمْ رَفْع الصَّوْت بِالذِّكْرِ , قَالَهُ الْمُفَضَّل , وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ جَرِير: قَبَّحَ الْإِلَه وُجُوه تَغْلِب كُلَّمَا سَبَّحَ الْحَجِيج وَكَبَّرُوا إِهْلَالَا وَقَالَ قَتَادَة: تَسْبِيحهمْ: سُبْحَان اللَّه , عَلَى عُرْفه فِي اللُّغَة , وَهُوَ الصَّحِيح لِمَا رَوَاهُ أَبُو ذَرّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيّ الْكَلَام أَفْضَل؟ قَالَ: (مَا اِصْطَفَى اللَّه لِمَلَائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ). أَخْرَجَهُ مُسْلِم. وَعَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن قُرْط أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة أُسْرِيَ بِهِ سَمِعَ تَسْبِيحًا فِي السَّمَوَات الْعُلَا: سُبْحَان الْعَلِيّ الْأَعْلَى سُبْحَانه وَتَعَالَى ذِكْره الْبَيْهَقِيّ. قَوْله تَعَالَى " بِحَمْدِك " أَيْ وَبِحَمْدِك نَخْلِط التَّسْبِيح بِالْحَمْدِ وَنَصِلهُ بِهِ. وَالْحَمْد: الثَّنَاء , وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير