تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رحمه الله، فأحكم الحاكمين: اللطيف الخبير، عالم الغيب والشهادة، المتصف بكمال العلم إحاطة وكمال الحكمة تدبيرا وكمال القدرة تنفيذا، لا يهدي إلا من علم فيه الخير فقربه واصطفاه فضلا، ولا يضل إلا من علم فيه الشر فأبعده وأقصاه عدلا: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)، و: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)، و: (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)، فثبطهم عن الطاعة إذ ليسوا لها أهلا، وأقعدهم عن الخروج في سبيله إذ ليسوا له كفؤا، ولم يحملهم على المعصية جبرا، ولم يرد وقوعها شرعا، إذ قد تنزه عن ذلك على حد ما تقدم من قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، ولم تقع في ملكه قسرا، إذ لا يكون في ملكه إلا ما يريد، على حد قوله تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ)، فعموم: "ما": لا مخصص له، إذ الفعل والإرادة الكونية قد تعلقا بكل ممكن دون المحال الذي لا حقيقة له ليتعلق به الفعل على سبيل الإيجاد، فليس بشيء ليحكم له بالوجود الخارجي، وإنما هو محض افتراض عقلي، كمن يفترض شريكا لله، عز وجل، من باب التنزل مع الخصم في الجدال لبيان لازم ذلك من الفساد، فيحكم للملزوم بالبطلان فرعا عن بطلان لازمه، فذلك من أساليب الجد القرآني على حد قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)، فبطل وجدان آلهة دونه، عز وجل، لبطلان لازمه من فساد الكون إذ انتظام أمره وفق السنن الربانية الجارية شاهد بضد ذلك.

بخلاف الإرادة الشرعية الدينية التي لا تتعلق إلا بمحابه ومراضيه، على حد قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، فيريده شرعا وإن وقع العسر كونا.

فمناط النجاة: أن توافق إرادة العبد التي بها يقع فعله الاختياري، محل الثواب والعقاب، إرادة الرب، جل وعلا، الشرعية، متعلق محابه ومراضيه، لا إرادته الكونية، فتلك تتعلق بها كل أفعال العباد على جهة الخلق والإيجاد فتستوي فيها المفعولات من جهة الخلق، فالله، عز وجل، خالق المؤمن والكافر، البر والفاجر، الخير والشر .......... إلخ من المتضادات التي يدل خلقها على كمال ربوبيته العامة فلا يعجزه خلق الشيء ولا ضده.

ومن علم ذلك: علم مقدار افتقاره إلى الرب، جل وعلا، ليسدده، ويخلق فيه الاستطاعة الموجبة للطاعة، ويخلق فيه عين الطاعة التي تنسب إليه فعلا وإلى ربه، جل وعلا، خلقا.

والله أعلى وأعلم.

ـ[المستعين بربه]ــــــــ[23 - 07 - 2009, 08:18 م]ـ

أخي مهاجر/السلام عليكم /وأسأل الله أن يجزل مثوبتك. ويزيدقلبك نورا.

ومشاركةلك أقول: إنّ ضعف الإنسان ـ كماذكرت وفقك الله ـ حقيقة ثابتة بالحس والشرع قال تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} (28) سورة النساء.

وهذا الضعف الفطري عند الإنسان يحدوه إلى البحث عما يتقوى به. فالفطرة السليمة ستنقاد إلى التقوي بالمتفردبالقوة وهوالله سبحانه, فكل قوة في الوجودفقوتها من قوته تعالى. فإن زاغت هذه الفطرة وتجاذبنها المهلكات فلابدلهذا الضعيف من قوة يحتمي بهاو يرى فيها مايحقق له الأمان.

فمن الزائغين من يتقوى بالمالولايرى مايدفع به ضعفه إلاالتكثروالتكاثر. ومنهم من يتقوى بالجاه ,ومنهم من يتقوى بالهوى والعُجب بالرأي.

وأمثلةاتخاذ القوةمن غير القوي الجباركثيرة ,والنوازغ الشيطانية. ووسائل الإجلاب لاحصرلها. ولكني أرى أن من أشروأحط الدركات ان يتقوى هذا الضعيف بهواه. حيث انقلاب الموازين فهولايرى له قوة إلا بمخالفة الحق.

وصاحب هذاالمسلك في ضيق دائم.

أسأل الله للجميع الثبات على الحق.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير