تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هكذا أيها الأحبة كان حالهم مع الصلاة. حتى في أحلك الظروف، بل وحتى وهم يفارقون الحياة في سكرات الموت.كيف لا وقد كانت هذه الفريضة الهم الأول لمعلم البشرية صلى الله عليه وسلم وهو يعالج نفسه في سكرات الموت فيقول: الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم.

أيها الأحبة. في هذه الكلمة نعرض أربعة أحوال من أحوال السلف الصالح مع الصلاة لنقارن أحوالهم بأحوالنا ليتوب المسيء من إساءته، ويتنبه المقصر إلى تقصيره، ويزداد المحسن إحساناً وتكميلاً لصلاته.

الحال الأول: محافظتهم على صلاة الجماعة وتعلق قلوبهم بها:

الصلاة قرة عيون المؤمنين كما صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: وجعلت قرة عيني في الصلاة.

ولذا كان يقول: أرحنا بها يا بلال. ولسان حال بعضنا: أرحنا منها يا إمام.

وقل لبلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا

توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترق أبواب الجنان الثمانيا

وقد سطر سلفنا الصالح صوراً مشرقة في المحافظة على صلاة الجماعة.

ففي صحيح مسلم ينقل لنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صورة حية لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالهم مع صلاة الجماعة فيقول: ولقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيت الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف.

فأين النائمون عن صلاة الفجر و العصر الذين أنعم الله عليهم وأصحّ لهم أجسامهم؟ وما عذرهم أمام الله تعالى؟.

منابركم علت في كل حيٍّ ومسجدكم من العباد خالي

وصوت أذانكم في كل وادٍ ولكن أين صوت من بلالِ

• وهذا سعيد بن المسيب يقول: ما فاتتني الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة.

ولما اشتكى سعيد عينه يوماً قالوا له: لو خرجت إلى العقيق فنظرت إلى الخضرة لوجدت لذلك خفة. فقال: فكيف أصنع بشهود العشاء والصبح.

• وكان الربيع بن خثيم يقاد إلى الصلاة وبه الفالج فقيل له: قد رخص لك. قال: إني أسمع " حي على الصلاة " فإن استطعتم أن تأتوها فأتوها ولو حبواً.

• وسمع عامر بن عبدالله بن الزبير المؤذن وهو يجود لنفسه فقال: خذوا بيدي فقيل: إنك عليل. قال: أسمع داعي الله فلا أجيبه. فأخذوا بيده فدخل مع الإمام في المغرب فركع ركعة ثم مات.

• وكان سعيد بن عبدالعزيز إذا فاتته صلاة الجماعة بكى.

نعم. بكى لا لأنه قد فاتته مباراة رياضية، ولا لأغنية أو تمثيلية. ولكن يبكي لفوات المثوبة والروحانية.

• سئل عبدالرحمن بن مهدي عن الرجل يبني بأهله أيترك الجماعة أياماً؟ قال: لا، ولا صلاةً واحدةً.

هكذا أفتى ابن مهدي رحمه الله. ثم يأتي الامتحان، فيزوج ابن مهدي إحدى بناته فيخرج صبيحة العرس ويمشي إلى بابهما فيقول للجارية: قولي لهما يخرجان إلى الصلاة. فخرج النساء والجواري فقلن: سبحان الله!! أي شيء هذا؟. فقال: لا أبرح حتى يخرج إلى الصلاة. فخرج بعدما صلى فبعث به إلى مسجدٍ خارج من الدرب.

الحال الثاني: مبادرتهم إلى الصلاة ومحافظتهم على تكبيرة الإحرام:

• ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه قال " لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ".

قال النووي: يتأخرون أي عن الصفوف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى عن رحمته أو عظيم فضله ورفع المنزلة وعن العلم ونحو ذلك.

• قال عدي بن حاتم: ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء.

• وكان إبراهيم بن ميمون أحد المحدثين يعمل صائغاً يطرق الذهب والفضة. فكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء وضعها ولم يردها.

• وقال سعيد: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.

• وقد جاء عند الترمذي وحسنه الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال " من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق.

• روي عن الأعمش أنه كان قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.

• ولهذا قال إبراهيم التيمي: إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه.

هكذا كان حرصهم وتبكيرهم إلى الصلوات فيا ليت شعري أين نحن من حالهم. ونحن نرى الجموع المتأخرة تقضي خلف الصفوف ناهيك عن الذين يقضون خلف الإمام، ويعتذرون عن تأخرهم بأعذار هي أوهى من بيت العنكبوت. وهذا دليل قلة الفقه، والله المستعان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير