تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الحال الثالث: إحسانهم الصلاة وإتمامهم أركانها:

نظر السلف إلى القرآن وإذا الله تبارك وتعالى يأمرهم بإقامة الصلاة، فلم ترد آية واحدة بغير لفظ الإقامة. والتعبير بهذا اللفظ يقتضي العناية بها وإقامتها على الوجه المطلوب كما وردت.

• يدخل رجل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم عليه، فيرد عليه بقوله: وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل. فيعود فيصلي ثم يأتي فيسلم عليه، فيرد عليه بمثل ما رد عليه. فلما كان في المرة الثالثة قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني. فعلمه عليه الصلاة والسلام كيف يصلي، وأرشده إلى الطمأنينة في جميع أركان الصلاة وواجباتها.

• ويصلي عليه الصلاة والسلام يوماً – كما في صحيح مسلم _ فينصرف ويخاطب رجلاً بقوله: يا فلان ألا تحسن صلاتك، ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي، فإنما يصلي لنفسه.

• أيها الأحبة .. هل تعلمون من هو أسوأ الناس سرقة؟

أهو سارق المسجد أو الحرم؟ أهو سارق مال فقير أو يتيم؟

كلا. قال عليه الصلاة والسلام: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته. قالوا: وكيف يسرق من صلاته؟. قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها.

• وصح عن عبدالله بن عمر أنه رأى فتى يصلي فأطال صلاته فلما انصرف قال: أيكم يعرف هذا؟ فقال رجل: أنا أعرفه. فقال ابن عمر: لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا قام إلى الصلاة أتي بذنوبه كلها فوضعت على عاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه.

• قال ابن جريج: لزمت عطاء ثماني عشرة سنة، وكان بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة. فيقرأ مئتي آية من البقرة وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك.

• قال أبو إسحاق السبيعي: ذهبت الصلاة مني وضعُفُت وإني لأصلي فما أقرأ وأنا قائم إلا البقرة وآل عمران. وقيل إنه ما كان يقدر أن يقوم حتى يقام فإذا استقام قائماً قرأ وهو قائم ألف آية.

• قال خالد بن عمرو: رأيت مسعراً كأن جبهته ركبة عنز من السجود.

• قال ابن رهب: رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع حتى نودي بالعشاء.

أما حالنا فمؤسف. فقد أصبحت الصلاة ثقيلة على كثير من الناس حتى إذا كبر أحدهم أومأ بحركات لا روحانية، ونقر الصلاة كنقر الغراب لا يذكر الله فيها إلا قليلاً. فهلك النقارون.

ووالله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حياً بين أظهرنا لقال لهم: ارجعوا فصلوا، فإنكم لم تصلوا.

الحال الرابع: خشوعهم في الصلاة:

الخشوع في الصلاة بمنزلة الروح في الجسد، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح.

• كان سيد الخاشعين يصلي لله خاشعاً مخبتاً، يبكي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء.

• كان ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة كأنه عود.

• وكان ابن الزبير يصلي في الحجر، فيرمى بالحجارة من المنجنيق فما يلتفت.

• ووقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار. فما رفع رأسه حتى طفئت. فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها النار الأخرى.

• وكان علي ابن الحسين إذا توضأ اصفر وإذا قام إلى الصلاة ارتعد. فقيل له فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي؟.

• وقالت بنت لجار منصور بن المعتمر: يا أبت أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة؟ قال: يا بنيته ذاك منصور يقوم الليل.

• سرق رداء يعقوب بن إسحاق عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورُدّ إليه فلم يشعر لشغله بعبادة ربه.

• كان إبراهيم التيمي إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.

• قال إسحاق بن إبراهيم كنت أسمع وقع دموع سعيد بن عبدالعزيز على الحصير في الصلاة.

هكذا كان خشوعهم. أما نحن فنشكو إلى الله قسوة في قلوبنا وذهاباً لخشوعنا. فلم تعد الصلاة عند بعضنا صلة روحانية بينه وبين ربه تبارك وتعالى، بل أصبحت مجرد حركات يؤديها الإنسان بحكم العادة لا طعم لها ولا روح. فأنى لمثل هذا أن يخشع؟.

لقد صلى بعض الناس في أحد مساجدنا، ولما كان في التشهد الأخير جاءه الشيطان وقال له: يا أبا فلان إن صاحب المحل قد أخطأ في الحساب فراجع الفاتورة، إني لك من الناصحين. فصدق المسكين وأخرج الفاتورة ليراجعها أمام الناس وهو يصلي. فالله المستعان.

وآخر. تراه هادئاً ساكناً، فما إن يكبر حتى تبدأ يداه بالعبث بغترته أوعقاله أولحيته أوساعته. . . ولو خشع قلبه لخشعت جوارحه.

فلا يغرنك وقوف مصليين متجاورين في صف واحد فإنه قد يكون بينهما من التفاوت في الأجر كما بين السماء والأرض. وقد قال عليه الصلاة والسلام " وإن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها " رواه أبو داود وحسنه الألباني.

// بنت خير الأديان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير