تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ان الدخل اللغوي الذي تقدمه نصوص منهج اللغة العربية لا يمثِّل دخلا كافيا ولا مناسبا لتعلم اللغة واكتسابها، وقد حدد ابن خلدون في مقدمته ما يناسب اكتساب اللغة العربية من دخل لغوي بقوله: «ووجه التعليم لمن يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها أن يأخذ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث، وكلام السلف، ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم، وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم، حتى يتنزل لكثرة حفظه لكلامهم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ولقن العبارة عن المقاصد منهم، ثم يتصرف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عباراتهم، وتآليف كلماتهم ... وعلى قدر المحفوظ وكثرة الاستعمال تكون جودة المقول المصنوع نظماً ونثراً».

معالجة نصوص الدخل اللغوي معالجة معلوماتية صرفة. فإن كان النص تاريخيا عولج معالجة تاريخية لا تختلف في شيء عن درس في كتاب التاريخ، وإن كان النص علميا عولج وكأنه درس في العلوم لا درس في اللغة. وهكذا، تجد الدرس اللغوي نسخة مكررة من المناهج الدراسية الأخرى يكاد يغني عن أكثرها.

ندرة الفرص المتاحة لممارسة اللغة، وخاصة الممارسة الكلامية. وقد أثبتت أبحاث اكتساب اللغة أن الاكتساب اللغوي الناجح لا ينتج إلا عن تجربة واسعة في استخدام اللغة في التخاطب الكلامي. وأن الانخراط في الكلام مع الصغار في اللعب وفي المشاريع الطفولية يسرِّع تقدمهم اللغوي؛ حيث ينهمكون في استخلاص اللغة من الكلام الموجه إليهم. ويتقدمون بشكل جيد كلما كان الدخل اللغوي واضحا ومتنوعا وغزيرا وممتعا.

منهجان منفصلان

وعن الحل الذي يراه للخروج من الوضع الراهن للغتنا العربية قال القحطاني: إن ما أدعو اليه يتلخص فيما يلي:

فك الارتباط بين الدرس اللغوي ودرس مهارات التعلم والاتصال. أي استحداث منهجين دراسيين منفصلين: أحدهما باسم (اللغة العربية)، والآخر باسم (مهارات التعلم والاتصال). وهذا يقتضي إعادة تشكيل محتويات كل منهما، وتنظيمها وعرضها وتقويمها بصورة مغايرة تماما لما هو متبع حاليا.

والوصف المختصر لكل من المنهجين المقترحين هما:

أولا: منهج اللغة العربية، مكوناته ومحتواه

يتكون منهج اللغة العربية من مقرر دراسي واحد باسم (اللغة العربية) يتعلم فيه الطالب عناصر اللغة وأنظمتها ووظائفها وأنماط تشكُّلاتها النصية، ويتدرب على كفاياتها الأساسية والفرعية.

يبنى المقرر الدراسي في مجموعة من الوحدات التعليمية، تركز كل وحدة على (وظيفة لغوية) معينة، مؤداة ب (نمط نصي) محدد. بحيث تشتمل الوحدة على عدد كبير من النصوص تمثل دخلا لغويا كافيا ومناسبا، يستطيع المتعلم أن يستخدمه في أداء الوظيفة اللغوية والنمط النصي بنجاح.

يشترط في نصوص الدخل اللغوي أربعة شروط أساسية:

أن تكون ألفاظها وصيغها وتراكيبها مختارة وفق الخطة النمائية اللغوية المرسومة.

أن تشتمل على ذخيرة لغوية وافرة من (ألفاظ المجال، والتعبيرات الجاهزة، والأمثال، والكنايات، والاستعارات الجيدة، والمقولات البليغة الموجزة ... ) يمكن تجميعها، وتصنيفها ومعالجاتها وخزنها.

أن تركز على الوظيفة اللغوية المستهدفة، مؤداة بالنمط النصي المستهدف. فإذا كانت الوظيفة المستهدفة مثلا (وصف الشخصيات) أو (التهنئة) كانت نصوص الوحدة منصبة على وصف الشخصيات، أو (التهنئة) مراعية المواصفات البنائية للنصوص الوصفية. أو المواصفات البنائية لرسائل التهنئة.

أن تتصف بجودة عالية في بنائها اللغوي، فإن كانت (مختارة) اختيرت من نصوص بلغاء الكتاب وكبار الشعراء، وفصحاء الخطباء .. وإن كانت (مصنوعة) صنعها من لا يقل ذوقا وبيانًا عن أولئك البلغاء.

وتركز المعالجات اللغوية على أربعة عناصر أساسية:

الأمثال، والكنايات، والحكم، والمقولات البليغة، التي تساعد المتعلم على مجاراة أساليب العرب وبيانهم.

الألفاظ ودلالاتها الوضعية والاستعمالية والقصدية. وصيغها الصرفية: مبانياها، ومعانيها.

التراكيب النحوية والأساليب اللغوية والبيانية، وعناصرها ودلالاتها اللغوية والتواصلية، وأثر طريقة نظم الجملة في أداء المعنى.

بنية النص، والعلاقات العضوية بين أجزائه، وأشكال الترابط النصي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير