معيار آخر للرجولة:
- هل انشغلت بطلب الدنيا عن طلب الآخرة؟
- هل أنت من المعمرين لمساجد الله التي وضعها الله لنا لتعميرها بعبادته؟
- هل قمت بطهارة باطنك وظاهرك؟
فلتسمع أيها الحبيب:
قال الله تعالى:
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36، 37].
وقال سبحانه:
{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
فما قولك أيها الحبيب:
في هذا الميزان الذي نزن به الرجال ونزن به الرجولة
- أتنطبق عليك هذه الأوصاف التي وصف الله بها الرجال؟
معيار ثالث للرجولة:
- هل أنت منشغل بدعوة الخلق إلى توحيد الله تعالى وإلى إفراده بالعبادة؟
- هل أنت مهموم من هذا الذي التردي الذي ترى عليه القوم؟
- هل فكرت كيف تنادى على القوم بالإيمان؟
- هل انشغلت وقلت من لهذا الدين؟
فلتنظر أيها الحبيب:
كيف تفعل الرجولة بمن حملها ووُصف بها، وكيف تمنعه الرجولة من أن يتحمل بُعد الناس عن دين ربهم، حتى يقدم نفسه فداء للدعوة لدين الله حتى لو وصل الأمر إلى قتله وهو يدعو القوم إلى الصراط المستقيم.
{وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ، وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ، إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ، إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 20 - 27].
فلقد صدع بالحق ولم يخف في الله لومة لائم، وهذه ليس بالصورة الفريدة في ذلك الأمر، ولكن لك أن تسمع وترى هذا المؤمن الذي كان في عهد الطاغية، كيف لم يخش في الله لومة لائم، وقام يدعو القوم إلى توحيد ربهم وعبادته، ولم يضع في حسابه ما قد يفعله هذا الطاغية به إن صدع بالحق.
ولكن الرجولة لها شأن آخر، فهذا قد باع واشترى مع ربه متمثلاً لقول ربه تعالى:
{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} [التوبة: 111].
فانظر أيها الحبيب:
شفقة هذا المؤمن على قومه ووعظهم، عندما قام هذا الطاغية (فرعون) وأراد أن يُسكت قول الحق.
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26].
فاندفع هذا المؤمن إلى نصيحة القوم، لم يبالي بما سوف يحدث له عندما وقف يتحدى هذا الطاغية.
{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ، يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 28، 29].
فقال فرعون ذلك بقوله:
{قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29].
ولكن شفقة هذا المؤمن ورجولته أبى أن يترك قومه دون أن يعظهم ويحاول بكل قوته أن يقوم بإنقاذ قومه من الهلاك فيذكرهم بما حدث للأمم السابقة.
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ، مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ} [غافر: 30، 31].
ثم يخوفهم بما سيكون في يوم القيامة:
{وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ، يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [غافر: 32، 33].
ثم في القوم مبيناً لهم سبيل الهدى والرشاد ومحذراً لهم من الاغترار بالدنيا:
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ، يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 38، 39].
وعندما وجد إعراض القوم عن قبول نصحه وإرشاده، فنادى في القوم:
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44].
أيها المسلم الحبيب:
هذه بعض معايير قياس الرجولة نضعها بين يديك؛ لكي تختبر من خلالها أين نحن من ميزان الرجولة، لكي نصحح المسار، لنكون على صورة من هذه الصور التي بيّنها لنا ربنا تبارك وتعالى.
حتى نصلح أن نقطع ذلك الطريق بأمان ألا وهو:
طريق الجنة
سعيد السَّوَّاح
¥