تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ثوابت راسخة]

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 04 - 2010, 09:14 ص]ـ

في أحد البرامج الفضائية الدينية الشهيرة كان ضيف الحلقة أحد الأفاضل من أهل العلم المعاصرين ممن له رياسة ووجاهة في منظمات إسلامية معروفة، وله باع في ميدان الفقه لا سيما فقه الأقليات الإسلامية، وكان عنوان الحلقة: تقسيم الدور إلى دور إسلام ودور كفر أو حرب، وعلى ما اطرد من الموقف الدفاعي الذي فرضه أعداء الإسلام على المسلمين فصار تقديم التنازلات جواز سفر إلى الاعتدال والسماحة وتقبل الآخر ومداهنته أحيانا، بل غالبا، بإعطائه من التكريم ما ليس له بأهل، ومنحه من الحقوق ما لم يمنحه الشرع له، فليست تلك الأحكام اجتهادات بشر تقبل المراجعة والمناورة، فالأسماء الشرعية من إسلام وإيمان، وكفر وظلم وفسوق ...... إلخ ليست أسماء أرضية حادثة كالديمقراطية والليبرالية والمواطنة التي يروج لها الآن حتى على ألسنة بعض أهل العلم تكريسا للطائفية السياسية التي يعاني منها المسلمون اليوم، وقد نجح العدو في هدم كيانهم الجامع: كيان الخلافة والإمامة العظمى التي هي واجب على الأمة، ففرطت فيه كما فرطت في كثير من الواجبات، فنجح العدو في هدم الخلافة وإقصاء الشريعة وتقسيم الدولة الإسلامية العظمى إلى دويلات ضعيفة متناحرة سرا أو علنا في كثير من الأحيان، فعقدها الاجتماعي واه، فلم تحقق العلمانية التي حكمت بلاد المسلمين من لدن سقطت الخلافة وإلى يوم الناس هذا، بما فرضته من تصورات تخالف الشريعة الجامعة، من قومية ظاهرها الاجتماع على راية عمياء وظاهرها التفرق فقد فشلت فشلا ذريعا لما كان حجر الزاوية فيها: العروبة، وهي بلا إسلام مظنة الشقاق والنزاع، وتاريخ العرب في الجاهلية خير شاهد على ذلك، بل قد ظهرت آثار من تلك الجاهلية في زماننا، فالضغائن قد ملأت قلوب المسلمين على بعضهم لأتفه الأسباب، مع كونهم جميعا عربا، ومؤتمرات القمم العربية الفاشلة باستمرار خير شاهد على ما اصطلح على تسميته في وسائل الإعلام بـ: شق الصف العربي الذي لم يلتئم يوما لينصدع!، فمذ ظهرت مقالة القومية العربية التي روج لها القوميون في منتصف القرن الماضي كعقد اجتماع جديد بعد انحلال عقد الإسلام المتين بانهيار دولة الخلافة الجامعة، ولو باسمها: قلوب المسلمين، فمجرد وجود هذا المنصب، ولو كان صوريا، كما كان الحال في دولة بني العباس في دورها الثاني والثالث، فقد ضعفت عن القيام بوظائفها الشرعية، فصارت اسما بلا مسمى، وصار السلطان الفعلي بأيدي المتوثبين على الخلافة من الأتراك الذين جلبهم المعتصم العباسي إلى الفرس البويهيين إلى الأتراك السلاجقة، وقد كانوا على سنن الاستقامة الشرعية شطرا كبيرا من ملكهم، إلى الدول والإمارات المتغلبة على أمصار الخلافة، وقد كان منها الصالح كدولة بني أمية في دورها الأندلسي، مع ما دب إليها من خلل في أخريات أيامها، ودولة بني أيوب، ودولة المرابطين في المغرب، وكان منها الطالح كدولة العبيديين الإسماعيلية في مصر وأجزاء كبيرة من المغرب، ومع ذلك الضعف الشديد بقي رسم الخلافة الجامع، ولو اسما بلا مسمى، فكان الصلحاء بل والطلحاء أحيانا من مثيري الفتن في أمصار المسلمين يخطبون ود الخلافة ليستمدوا شرعيتهم من شرعيتها، لعلمهم بمكانة الخلافة في قلوب المسلمين وتعظيمهم لسلطانها ولو كان روحيا بلا فعالية حقيقية، ولذلك حرص أعداء الإسلام قديما كالنصير الطوسي على محو رسم الخلافة، ولو كانت صورية فحمل هولاكو على قتل المستعصم بالله آخر خلفاء بني العباس في بغداد، وحرص أعداء الإسلام حديثا على محو رسم الخلافة، ومحو أي فكر يدعو لها، سواء أكان صحيحا أم منحرفا، فأزالوا الخلافة، وأقصوا الشريعة المنزلة، وردوا كل مصر إلى قوميته ودستوره الخاص الذي يخالف الشرع المنزل في أغلب مواده وأحكامه، تكريسا للطائفية السياسية على غير سنن الشريعة الحاكمة، فتفرقت الأمصار وتفرقت القلوب بالتفافها حول رايات عمياء، سواء أكانت محلية، أو حتى إقليمية كالقومية العربية التي فشلت فشلا ذريعا في رأب الصدع، بل قد زادت الهوة بين المسلمين بنزق وجهالة من تولى كبرها فأفسد ذات بين المسلمين بتدخلاته السافرة في شئون غيره، فأبغضت الشعوب بعضها، وهذا أمر مشاهد، لا سبيل إلى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير