[كيف يكسب أبناؤنا عادة القراءة؟ - مقال أعجبني -]
ـ[السراج]ــــــــ[16 - 05 - 2010, 08:56 ص]ـ
لقد أثار فضولي وأدهشني منظر الأب الذي كان يصطحب ولديه (أحدهما في الثامنة والآخر في الخامسة) إلى بحيرة صغيرة كل يوم تقريباً لاصطياد السمك. كان يقضي معهما الساعة أو الساعتين وهو مواظب على نظام اعتاد الولدان معه على تأديته. كان يحمل صندوقاً وثلاثة كراس محمولة وصندوق تبريد صغير وثلاث سنارات. عند وصوله البحيرة يثبت الكراسي على الشاطئ الذي أدركت بعد أيام وكأنه المالك الحقيقي له بفعل ديمومة الجلوس فيه. كان يُجلس الولدان إلى جانبه ويخرج السنارات ليثبت الديدان في سنارة ابنه الصغير، بينما يقلد الكبير ما يعمل أبوه، ويمسك بيد الصغير ليرميها في البحيرة ويثبت طرفها إلى الأرض ما بين سيقانه ثم يعود متأكداً من الكبير بأنه أرسل سنارته إلى الماء بشكل صحيح أو يصحح له إرسالها. وقبل أن يقوم برمي سنارته الكبيرة يخرج للولدين عصيراً ويضعه إلى جانبيهما ثم يناول كلا مهما كتاباً أحدهما للقراءة والآخر للتلوين حيث لا يجيد الصغير القراءة بعد ويعود لنفسه مثبتاً سنارته ومتناولاً كتابه. يوزع الابتسامة إلى الولدين وكأنه يقول لهما:
• حظاً سعيداً ولنرى ماذا سنحصل اليوم.
• تمتعا بالعصير والمنظر الهادئ واشعرا بالراحة
• تحزما بالصبر ولا تدعا تفكيركما منصباً على حركة السنارة
• ليكن الكتاب وهو المتعة التي ينفرد كل منا به وبأفكاره وليكن الوسيلة التي تمنحنا الهدوء والصبر.
والأروع أن الكبير كان يناقش والده بشأن عبارة أو كلمة بينما يُطلع الصغير أباه عن جودة التلوين أو يسأله رأيه في الخيار بين لونين، والأب كان محاوراً متفهماً ومنصتاً رائعاً.
لقد نجح الأب في تنمية عادة القراءة لدى ولديه، بل نجح في غرز سمة الصبر والهدوء والتأني من خلال القراءة لتحقيق المسعى وهو الصيد.وفي يوم أحبط الطفل الكبير لأنه لم يحقق شيئاً فطلب الأب منه مساعدة أخيه الصغير لسحب السنارة من السمكة كي لا يجرح يده وهنا أتاح له حق المشاركة بالغنيمة.
كثيرة هي العادات التي نتربى عليها وكثيرة هي العادات التي نمارسها بلا ضرورة فنحكم على أنفسنا بأننا نسرق الوقت بينما نعاني من الضغوط وقلة الصبر.لقد أيقن الأب ضرورة تغذية عقول أولاده وتنمية شخصيتهم من خلال تصفح كتاب أو تلوين صفحات كتاب الرسم،لقد سمح لهما بأن يكونا رفيقيه في الحوار ويبنيا شخصيتهما من الصميم وليس بالتلقين أو القولبة. لقد أتاح لهما فرصة رائعة لينتجا شيئاً بينما يصطادا السمك، صورة ملونة، أو درساً من خلال قصة قصيرة أو حواراً عن عبارة أو مفردة أو حكمة من بين السطور. ساعة أو ساعتين من المتعة والألفة وتغذية العقل. لم يترك أي منهما ما بيده مللا بل قد تحصل حركة من سنارة فيضعا ما بيديهما بكل هدوء واحترام ويتشارك الثلاثة عما يدور أو يبتسم أحدهما للآخر بأنه موجود ويعودا طوعاً لاستكمال متعة القراءة أو التلوين.
كيف يمكن أن نعوّد الأبناء حسن القراءة مع ممارسة عادات أخرى نحملهم فيها على الانتماء والصبر والتحاور وبالآخر تنمية شخصيتهم. القراءة كيفما تكون وبالوسيط الذي يكون. اليوم غير الأمس الفكرةو المعرفة تأتيك في كل الأوقات وفي كل الحالات وبمختلف الأوساط، إنها فلسفة التطور العقلي وغذاؤه فلماذا نهتم بالبطون ونترك العقول جائعة. كم من النقود تستهلك معدتنا وكم ننفق على تغذية عقولنا، بلا شك ليس هناك توازن ليس لأني سلبية – معاذ الله – ولكني ألمس هذا التجاوب الضعيف للقراءة من متابعات أبنائنا الطلبة. إنهم يحملون الحاسوب على أكتافهم ولا يمكنهم يوما أن يسيروا أو يناموا دون صحبة الموبايل، ويتزاحمون في معارض الكتاب بشغف، وكلها أوساط متعددة من أجل القراءة، ولكن يبقى السؤال هل يقرأون؟
بقلم: د. نعيمة حسن جبر – جامعة السلطان قابوس
ـ[الخبراني]ــــــــ[16 - 05 - 2010, 02:27 م]ـ
ماشاء الله
ونعم التربية
ـ[المجيبل]ــــــــ[16 - 05 - 2010, 03:08 م]ـ
أين هذا الأب الذي يمضي ساعة أو ساعتين مع أطفاله يوميا متفرغا من أعماله!
ليته يصحبهم مرة في الأسبوع خير وبركة، فبقاء الأب ولو لوقت قصير له التأثير العظيم في نفوس الأبناء، خصوصا إن كان يعي أهمية العلاقة وأثرها على شخصيات أولاده.
ـ[حسين العدوان]ــــــــ[16 - 05 - 2010, 09:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
...
يقول أحمد شوقي:
ليس اليتيم من مات ابواه وتركاه ذليلا
انما اليتيم من له اما تخلت او ابا مشغولا
كم هي عادة سيئة يمقتها الله ورسوله والمؤمنون ..
ألا وهي عادة الانشغال عن الأبناء للفترة الطويلة ..
روى الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى االله عليه وسلم:
((كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت))
ووالله .. ما ضاع من ضاع إلا من اختفاء المربين .. آباءً وأمهات ..
وكم من يتيمٍ قد بَرَعَ براعةً لم يبرعها ذوو العشيرة والنسب!
لكن .. قد رعى ذلك اليتيم أمه .. وإن لم تكن الام فالجد أو الجدة!
ولنا في تاريخ القدامى العبرة .. ابتداءً من ربيعة بن فروخ المعروف بربيعة الرأي ومن سبقه .. وانتهاءً بعلماء هذا العصر كفضيلة الشيخ محمد حسان.
كلهم يتامى .. نشأوا على أيدي الأمهات الفضليات ..
وكفى اليتامى شرفاً .. أن النبي الكريم .. كان يتيماً!!
¥