[وقفة مع حديث]
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[05 - 04 - 2010, 01:37 ص]ـ
الحمد لله وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه ومن تبعه ووالاه
ثم أما بعد
فسوف نقف معا مع أحاديث للصادق المصدوق
لعل الله أن ينفعنا وينفع بنا
الوقفة الأولي اتقوا النساء
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ -- قَالَ «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ» رواه مسلم في صحيحه
قوله "إن الدنيا حلوة خضرة "
ورد هذا الوصف للدنيا في غير ما حديث
فقد رواه صاحب شرح السنة بلفظ،: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَوْمًا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَصَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَئِذٍ بِنَهَارٍ، فَمَا تَرَكَ شَيْئًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا ذَكَرَهُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ، حَفِظَ مَنْ حَفِظَ وَنَسِيَ مَنْ نَسِيَ، ثُمَّ قَالَ: أَلا إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفَكُمْ فِيهَا، فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، أَلا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ "
و رواه البزار في مسنده عن مُصْعَب بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: لأَنَا فِي السَّرَّاءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ فِتْنَةِ الضَّرَّاءِ، إِنَّكُمْ قَدِ ابْتُلِيتُمْ بِفِتْنَةِ الضَّرَّاءِ فَصَبَرْتُمْ، وَإِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ.
ورواه الطبرانى فى الأوسط عن أم سلمة بلفظ (إن الدنيا حلوة خضرة فمن أخذها بحقها بورك له فيها ومن أخذها بغير حقها فمثله كمثل الذى يأكل ولا يشبع ويل للمتخوض فى مال الله ومال رسوله من عذاب جهنم يوم القيامة)
وروي بألفاظ أخر عن ميمونة وابن عمر وخولة بنت قيس وحمنة بنت جحش وأبي بكرة وغيرهم كثير
وفيه
*وصف للدنيا بالحلاوة والطراوة
*الدأب في الإنسان الإغترار بالدنيا
*الدنيا دار بلاء وتمحيص لا دار بقاء وتخليد
* عدم حرمة الأخذ بالحظ أو النصيب من الدنيا إنما الحرمة تقع علي الركون إلي الدنيا والإغترار بزخرفتها الزائفة
* وصف الدنيا بالخضرة فيه إشارة لقرب منغصات الدنيا فالأخضر لا يظل أخضرا إلا لفترة قصيرة
قال صاحب دليل الفالحين: قال في «النهاية»: الخضر نوع من البقول ليس من أحرارها وجيدها، فشبه الدنيا للرغبة فيها والميل إليها بالفاكهة الحلوة الخضرة، فإن الحلو مرغوب فيه من حيث الذوق، والأخضر مرغوب فيه من حيث النظر، فإذا اجتمعا زادت الرغبة. وفيه إشارة إلى عدم بقائها وهو من التشبيه المطوي فيه الأداة.
وقال صاحب الديباج شرح صحيح مسلم بن حجاج إن الدنيا حلوة خضرة: يحتمل أن المراد لذتها ونضارتها كالفاكهة الحلوة الخضراء.
أو سرعة فنائها فإن الفاكهة الخضراء سريعة الذهاب.
قوله "وإن الله مستخلفكم فيها"
أي جاعلكم خلفاء في الأرض
وليس في الحديث حجة لقول القائل أنه خليفة الله في الأرض
إنما المعني أن الله جعل سكناكم الأرض يخلف بعضكم بعضا
قوله "
لينظر كيف تعملون"
*فيه إثبات النظر (البصر) لله
*الله مطلع علي العباد
*ويجازيهم علي ما يعملونه
*وفيه وعد ووعيد ... حث وزجر ... ترغيب وترهيب
فمن يعلم أن الله مطلع عليه حسّن عمله وقوّمه
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[05 - 04 - 2010, 01:41 ص]ـ
قوله "فاتقوا الدنيا .......... "
التقوي لغة مأخوذة من الوقاية وهي ما يستر الرأس
وهي اتخاذ ما يحفظ مما يخاف ويحذر
قال في دليل الفالحين
هي اتخاذ وقاية تقيك مما تخافه وتحذره؛ فتقوى العبد أن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقيه منه، وهي امتثال أوامره تعالى واجتناب نواهيه بفعل كل مأمور به وترك كل منهي عنه حسب الطاقة
روى ابن ابي الدنيا بإسناد منقطع، عن أبي الدرداء قال: تمام التقوى: أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما، حجابا بينه وبين الحرام
ورُوي عنه أيضا في قوله تعالي {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]،: الإيمان كالقميص يلبسه الإنسان تارة وينزعه أخرى،
¥