تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بين المحاقين]

ـ[المشفقة على أمتها]ــــــــ[10 - 02 - 2007, 10:54 ص]ـ

المحاق الأول

رغم ادلهام الليل و انغماس النور تحت عباءة الظلام ... رغم صغر حجمه –فهو لا يزال ربيب مهده – يداعب لطف منظره وبديع جوهره و فضيلة سنه الدنيا بجمعها؛ ليزف لها قدوم أكرم ضيف تضيّفه الدنيا كل عام و يرسل عبر ترددات الأرواح الربانية و شاشات القلوب الإيمانية صورة تغير همجية الحياة؛ فميادين الصدام الحضاري و التشعب الفكري و تلوّن الحياة بألوان قاتمة تعددت مصادرها و تشاكست مخابرها، فَتغبّر لمعان مرآة الحياة ... فجاءت بمحاقنا البشرى لتغسل الأرض و من عليها بغيث رب السماء.

أهلا بك ياكريم **

طرق الباب ليدخل ضيفا دعا نفسه فلا يدري أيحل على مضيفه خفيفا أم ثقيلا؟؟؟

في كل عام يدخل الدار نفسها، ولكن من يكون هو؟؟؟

مع اشراقة أول خيوط الفجر و تبدد الغلس أشرق وجهه الوضاح فإذا بالدنيا تلبس ثوبها الجديد بعد اليباب، و إذا بأهل الدار يتصايحون: أقبل الملك العادل ... أقبل أقبل!!!

ملك! و عادل! كيف لا ...

و هو الأب الحنون الذي جاء ليحتضن ابنه الذي زلت به الأقدام في لجج المعاصي و الآثام، و يركبه في سفينة التوبة مناديا له: ((يا بني اركب معنا و لا تكن مع القوم الكافرين))

كيف لا ...

و هو الذي يسوس الدنيا بميزان القسطاس المستقيم؛ ليكون المحكومون عنده كأسنان المشط.

كيف لا ...

و هو الذي يتفقد أحوال المسلمين ليدل غنيهم إلى حاجة فقيرهم، و يرشد مهتديهم إلى نصح غويهم.

كيف لا ...

و هو الذي قيد الشقاق و سوء الأخلاق في سجون طاعة الله و إتباع سنة حبيب الله.

كيف لا ...

و هو المتواضع في سيره، يسير مع غيره من الشهور رغم علو منزلته بينها، و عظم مكانته عند كاتب عدتها.

كيف لا ...

و هو الذي يغشى مجالس العلماء، و حلقات المتعلمين؛ ليسبغ عليهم أسخى الأجور، و يلبسهم قلائد من نور.

كيف لا ...

و هو الذي يوصل ليله بنهاره؛ إعمارا لقلوب الخلق ليكون في ليله سكينة لهم و في نهاره مسكا يفوح منهم.

ملك ليس كباقي الملوك؟؟؟

دستوره: ((لعلكم تتقون))

مدة حكمه: ((أياما معدودات))

جنوده: ((تلك حدود الله فلا تعتدوها))

وزراؤه: ((هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان))

تاريخ تولي الحكم: ((فمن شهد منكم الشهر فليصمه))

مبادئه: ((فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر))

شعاره: ((يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر))

مراسيمه: ((فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون))

المحاق الأخير

تنعمنا بعدله، و ذقنا عيش الرغد في ظلال حكمه، و لكن: ((لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستئخرون ساعة ولا يستقدمون))

فمع المحاق الأخير أفجعنا بتوديعه، و انسل من بيننا انسلال الروح من الجسد، و خرج من قبضتنا إلى موعد آخر في عام آخر في الوقت ذاته، و لكن لا ندري أنلقاه؟؟ فقد قبل: سنة الحي اللقاء، فإن كنا غير ذلك – قد ودعنا الأحباب، و سكنا التراب، و تقطعت بنا الأسباب – أأكرمناه؟؟ أ منزله أنزلناه؟؟

فما كان آخر رياه إلا أن نطق بقول خالقه: ((هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق))

حينها بكاه المسجد الذي كان يؤمه و اجتمع الناس خلفه متراصة صفوفهم، لينة قلوبهم، دامعة عيونهم، متلذذة بذكر الله أرواحهم.

حينها بكاه المصحف الذي مسح رمضان ببركته عنه الغبار و صدحت بمثانيه مزامير الدنيا ليل نهار.

حينها بكاه الإسلام غريب أهله إذ أرجع رمضان له كرامته، و ألبسه تاج: ((و ذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي و لا شفيع)) تاجا يعلو غرته.

حينها بكاه الليل الذي دعا رمضان الناس لنصرته بقوله:

قم الليل يا هذا لعلك ترشد إلى كم تنام الليل و العمر ينفد

أراك بطول الليل ويحك نائما و غيرك في محرابه يتهجد

فإذا بالناس ركعا و سجودا.

حينها بكته الأخلاق بفضيلتها إذ جعل رمضان إتباعها من طاعته، و أساسا من أسس سياسته، فما أورث لشأنها إلا ارتفاعا، و لا مخالفتها إلا امتناعا، ولا لرسولها إلا إتباعا.

فمن لهؤلاء الضعفاء المستغيثين بعدك؟؟؟

و من لتربية العقول و تهذيب النفوس غيرك؟؟؟

و من لسعادة الدنيا إلا نهجك؟؟؟

فيا ليت الشهور تشبهت بك!!!

و يا ليت السنة ولدت توأمك!!!

ويا ليت الأمة ما نقضت بعد حكمك عهدك!!!

... يا رمضان ...

إشراقة: قال ابن حزم الأندلسي – رحمة الله عليه-:

أعارتك دنيا مسترد معارها غضارة عيش سوف يذوي اخضرارها

فكيف تلذ العين هجعة ساعة و قد طال فيما عاينته اعتبارها

و كيف تقر النفس في دار نقلة قد استيقنت أن ليس فيها قرارها

و أنى لها في الأرض خاطر فكرة و لم تدر بعد الموت أين محارها

ـ[كرم مبارك]ــــــــ[15 - 02 - 2007, 03:55 م]ـ

أختي المشفقة ,تحياتي لك

إذا كانت هذه المقالة من قلمك فما أروع هذا القلم وما أسعدنا بك ..

وإن كانت من منقولك فجزى الله خيراً كاتبها خير جزاء

تحياتي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير