[نوح عليه السلام]
ـ[أبوشادي الصوري]ــــــــ[27 - 02 - 2007, 04:10 م]ـ
نوح u
قال تعالى: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنّور فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم, ولا تخاطبني في الذين ظلموا, انهم مغرقون}. المؤمنون 27.
إلى من أرسل نوح: كل نبي أرسل لأمة, فموسى لبني إسرائيل, ومحمد لقريش وللعالمين, وصالح لقوم ثمود, وهود إلى قوم عاد, وهكذا. وأما نوح فلمن أرسل من القوم؟ أرسل إلى أولاد قابيل بن آدم ومن تابعهم من ولد شيت بن آدم (العرائس للثعلبي) وقد تحدث المفسرون عن ذلك فقالوا: كان لآدم نسلان من أولاده أو قبيلتان إحداهما تسكن السهل والوادي الأخضر والأخرى تسكن الجبل. وكان للرجال في القبيلة التي تسكن الجبل جمال وروعة أما نساؤهم فكنّ ذوات دمامة وقبح. فالرجال أجمل من النساء كثيرا, أما القبيلة التي تسكن السهل والوادي فكانت نساؤها رائعة الجمال لا يستطيع الرجل أن يمعن النظر فيهن لشدة جمالهن, أما الرجال فكانوا على عكس ذلك فقد كانوا من القبح والدمامة بمكان فلا تطيق أن تعيش معهم من الدمامة والقبح. واستغل إبليس هذه المفارقة العجيبة وأراد أن يخلطهما ببعض حتى تشيع الفاحشة بينهم, فنزل على رجل من أهل السهل, وجاءه على هيئة غلام ليعمل في بستانه وزرعه, فاستأجره وجعله خادما له, فجاء لإبليس بمزمار يحدث صوتا مثل مزامير الرعاة للغنم, وبدأ يحدث به صوتا عاليا ليسمع قبيلة الجبل صوتا غريبا فجاءوا على هذا الصوت, وأقاموا حفلا جعلوه عيدا كل عام يأتون إليه وبدأت نساء السهل تخرجن متبرّجات وهن على قدر من الجمال_ فرآهن الرجال, وهرع رجل من الجبل إلى أصحابه يحكي لهم عن الخبر فتحولوا إليهم ونزلوا معهم وظهرت الفاحشة الكبرى وحقق إبليس ما كان يريده, فلقد أقسم في السماء ليغوينهم أجمعين إلا الصالحين منهم والمؤمنين بالله عز وجل. وكثر بنو قابيل وظهرت المعصية, وأكثروا الفساد وأصبح إبليس وأبنائه بينهم يفعلون بهم ما يريدون ويدعوهم إلى المعصية فيستجيبون. وقد كانت الفترة ما بين وفاة آدم ونوح عليهما السلام حافلة بالإيمان والفساد وممن آمنوا وكانوا صالحين: ودّا ويغوث, ويعوق, وسواع, ونسر كانوا قوما صالحين وكان لهم أتباع يقتدون بهم. (تفسير ابن كثير سورة نوح). وتذكر أن آدم عليه السلام له أربعون ولدا عشرون غلاما وعشرون جارية فكان ممن عاش منهم هابيل وقابيل, وود, كان ود يقال له: شيث ويقال له هبة الله, وقد جعله اخوته رئيسا وسيدا عليهم, وولد له سواع ويغوث ويعوق ونسر. كان "ود" رجلا صالحا كما ذكرنا, وكان محببا في قومه, فلما مات عكفوا على الجلوس حول قبره في أرض بابل وحزنوا عليه حزنا شديدا وأصبحوا يزورون قبره بصفة دائمة, ورأى إبليس حالهم هذا وجزعهم عليه فأراد أن يستثمر هذا الضعف فيهم فتشبّه بصورة إنسان ثم قال لهم: إني أرى جزعكم على هذا الرجل, فهل لكم أن أصوّر لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به؟. فقالوا: نعم. فصنع إبليس صنما مثل "ود" فوضعوه في ناديهم فجعلوا يقدّسون الصنم ويذكرونه صباح مساء. فلما رأى إبليس ذلك منهم واطمأن الى غيّهم قال لهم في خطوة جعلته يتمكن من عقيدتهم ويفسدهم_قال: هل أجعل لكم في منزل كل منكم تمثالا مثله ليكون له في بيته فتذكرونه, وتعبدونه؟ قالوا: نعم. فصنع لكل أهل بيت تمثالا مثله, فأقبلوا على هذه التماثيل الأصنام التي حملت اسم الرجل "ود" ولما جاء أبناؤهم أدركوا ما يفعله الآباء, جعلوا يقلّدونهم فيما يصنعون بهذه التماثيل من عبادة وتأليه, وتوالت بعد ذلك أجيالهم وأحفادهم في عبادة الأصنام, ونسوا "ود" الرجل الصالح وجعلوه صنما يعبد من دون الله وبذلك استطاع إبليس أن يحول اسم الرجل الصالح إلى رمز للوثنيّة والكفر, فكان "ود" أول ما عبد غير الله, وكان أول صنم يعبد من غير الله اسمه "ود". وقد أضل بهذه الأصنام كثيرا من الأمم فقد استمرّت في عبادتها هذه الأمم قرونا عديدة حتى إلى زمان جاهلية العرب قبل الإسلام وقد قال المفسرون (ابن عباس في تفسير ابن كثير): صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد ذلك. فمثلا "ود" كان صنما لبني كلاب بن الجندل, وأما سواع فكانت لهزيل, وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف _عند سبأ_ وأما "يعوق" فكانت لهمدان
¥